الاستفصال في مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم في المقال.
والرد على ذلك: أن في سياق الحديث ما يدل على أن الرجل لم يكن ناسيًا، بل كان متعمدًا، وهو قوله:(هلكت) وقوله: (احترقت)، فهذه الألفاظ لا يقولها إلا من كان متعمدًا للمعصية، لا من وقعت منه نسيانًا، والله أعلم.
ذهب الجمهور والأئمة الأربعة إلى أنه يفسد الصوم، واستدلوا بقوله تعالى: في الحديث القدسي: «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي»(١)، وهذا لم يدع شهوته، ورجح ذلك الإمام ابن عثيمين والعلامة ابن باز رحمهما الله.
واستدلوا أيضًا بقياسه على الجماع؛ فإن غاية الجماع هو خروج المني، وقد حصل بالاستمناء.
وذهب الإمام أبو محمد بن حزم إلى أنه لا يفسد صومه؛ لأنه لم يأت نص بأنه ينقض الصوم، ورجح ذلك الصنعاني، والألباني رحمة الله عليهما.
والراجح -والله أعلم- هو قول الجمهور؛ لدلالة الحديث على ذلك، أعني قوله - صلى الله عليه وسلم -: «يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي»، والمستمني لم يدع شهوته.
ويستثنى من الشهوة الواردة من هذا الحديث ما استثناه الدليل، وهو المباشرة
(١) أخرجه البخاري (١٨٩٤)، ومسلم (١١٥١) (١٦٤)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.