قال النووي - رحمه الله -: المجنون لا يلزمه الصوم في الحال بالإجماع؛ للحديث وللإجماع، وإذا أفاق لا يلزمه قضاء ما فاته في الجنون، سواءٌ قل أو كثر، وسواء أفاق بعد رمضان أو في أثنائه، وهذا قول الجمهور.
قلتُ: أما الحديث الذي أشار إليه النووي فهو قوله - صلى الله عليه وسلم -: «رفع القلم عن ثلاثة: ... ، وعن المجنون حتى يفيق». (١)
وقال مالك - رحمه الله -: يقضي وإن مضى عليه سنون. وعن أحمد مثله، وهو قول الشافعي في القديم؛ لأنه معنى يزيل العقل، فلم يمنع وجوب الصوم كالإغماء.
وقال أبو حنيفة - رحمه الله -: إن جُنَّ جميع الشهر فلا قضاء عليه، وإن أفاق في أثنائه قضى ما مضى؛ لأن الجنون لا ينافي الصوم، بدليل ما لو جن في أثناء الصوم لم يفسد، فإذا وجد في بعض الشهر وجب القضاء كالإغماء.
والراجح هو قول الجمهور، والله أعلم.
(١) أخرجه أحمد (٦/ ١٠٠ - ١٠١)، وأبو داود (٤٣٩٨)، والنسائي (٦/ ١٥٦)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وأخرجه أبو داود (٤٣٩٩ - ٤٤٠١)، وابن خزيمة (١٠٠٣)، والحاكم (٢/ ٥٩)، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وهو موقوف له حكم الرفع، وإسناد الأول ضعيف، والثاني صحيح، وانظر "الإرواء" (٢٩٧).