[مسألة: إذا شرع في الصيام، ثم وجد ما يعتق فهل يلزمه العتق؟]
فيها ثلاثة أقوال:
الأول: أنه يلزمه الرجوع إلى العتق، وهو قول أبي حنيفة، واستدل بأنه قد قدر على الأصل قبل أداء فرضه بالبدل؛ فبطل حكم البدل كالمتيمم يرى الماء.
الثاني: لا يلزمه الرجوع إلى العتق إلا أن يشاءه فيجزئه، ويكون قد فعل الأولى، وهو قول أحمد، والشافعي، ورجحه ابن قدامة؛ لكونه قد شرع في الكفارة الواجبة فأجزأته كما لو استمر العجز إلى فراغها، وفارق العتق التيمم لوجهين:
١ - أن التيمم لا يرفع الحدث، وإنما يستره، فإذا وجد الماء بطل حكمه بخلاف الصوم؛ فإنه يرفع حكم الجماع بالكلية.
٢ - أن الصيام تطول مدته، فيشق إلزامه الجمع بينه وبين العتق، بخلاف الوضوء والتيمم.
وكذلك فإن العتق مأمور به إذا وجده، وهذا لم يجده حتى تلبس بالصيام، فمن أين لنا أن نوجب العتق عليه بعد ذلك؟ بخلاف التيمم، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته». (١)
الثالث: أنه يلزمه الصوم، ولا يجوز له الرجوع إلى العتق، وهو قول ابن حزم.
(١) أخرجه الترمذي (١٢٤)، وأبو داود (٣٣٢)، من حديث أبي ذر، وفي إسناده: عمرو بن بجدان، وهو مجهول، وله شاهد عند البزار كما في "الكشف" (٣١٠)، من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -، والراجح أنه من مراسيل ابن سيرين كما في "العلل" للدارقطني (٨/ ٩٣)؛ فالحديث حسن بالطريقين.