للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مسألة: معنى قوله عليه الصلاة والسلام: «يطعمني ربي ويسقين»]

فيه ثلاثة أقوال:

الأول: أنه على حقيقته، وأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يُؤْتَى بطعام وشراب من عند الله؛ كرامة له في ليالي صيامه.

وَتُعُقِّبَ بأنه لو أكل حقيقة لم يبق وصال، وكذلك فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - في حديث أنس - رضي الله عنه -: «إني أظل يطعمني ربي ويسقيني» (١)، ولا يقال: (ظَلَّ) إلا في النهار، فلو كان الأكل والشرب حقيقة؛ لم يكن صائمًا.

الثاني: قول الجمهور: (إنه مجاز عن لازم الطعام والشراب وهو القوة فكأنه قال: يعطيني قوة الآكل والشارب).

الثالث: قال ابن القيم - رحمه الله -: المراد ما يغذيه الله من معارفه، وما يفيضه على قلبه من لذة مناجاته، وقرة عينه بقربه، وتنعمه بحبه، والشوق إليه، وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلوب؛ حتى يغني عن غذاء الأجسام برهة من الزمن كما قيل:

لها أحاديث من ذكراك تشغلها ... عن الشراب وتلهيها عن الزاد

لها بوجهك نور يستضاء به ... ومن حديثك في أعقابها حادي. اهـ

انظر: "الفتح" (١٩٦٦)، "السبل" (٤/ ١٢٤ - ١٢٥)، "المجموع" (٦/ ٣٥٨)، "زاد المعاد" (٢/ ٣٢).


(١) أخرجه مسلم (١١٠٤) (٦٠).

<<  <   >  >>