قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله - في "الفتح"(٩٥٢): وقد وردت الشريعة بالرخصة للنساء؛ لضعف عقولهن بما حرم على الرجال من التحلي والتزين بالحرير، والذهب، وإنما أُبيح للرجال منها اليسير دون الكثير، فكذلك الغناء يرخص فيه للنساء في أيام السرور، وإن سمع ذلك الرجال تبعًا؛ ولهذا كان جمهور العلماء على أن الضرب بالدف للغناء لا يباح فعله للرجال؛ فإنه من التشبه بالنساء، وهو ممنوع منه، هذا قول الأوزاعي، وأحمد، وكذا ذكر الحليمي وغيره من الشافعية، وإنما كان يضرب بالدفوف في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - النساء، أو من يشبه بهن من المخنثين، وقد أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بنفي المخنثين وإخراجهم من البيوت. اهـ
قلتُ: ويدل على تحريم ضرب الدف في حق الرجال قول أبي بكر في الحديث المتقدم: «أبمزمور الشيطان في بيت رسول الله»، وأقرَّه النبي - صلى الله عليه وسلم - على ذلك، وإنما أباحه للنساء بسبب أنها أيام العيد كما في الحديث.
قال ابن رجب - رحمه الله - (٩٥٢): وقد أقرَّ أبا بكر على تسمية الدف مزمور الشيطان، وهذا يدل على وجود المقتضي للتحريم لولا وجود المانع. اهـ
ويدل على تحريمه في حق الرجال أيضًا دخوله في عموم حديث أبي عامر الأشعري - رحمه الله - في "البخاري"(٥٥٩٠): «ليكونن في أمتي أقوام يستحلون الحر، والحرير، والخمر، والمعازف»، والدف من المعازف، والله أعلم.