قلتُ: ومن ذلك ما يزيده بعضهم من الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الموضع، ويكررون ذلك، ولم يفعل ذلك السلف، ولم يستحبه العلماء في هذا الموضع.
تنبيه: التكبير الجماعي بصوت واحد ليس بمشروع، بل ذلك من البدع، ولكن يجهر كل واحد بالتكبير بدون التزام صوت واحد؛ لأنَّ ذلك لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه - رضي الله عنهم -، وفي الحديث:«من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد». انظر:"فتاوى اللجنة الدائمة"(٨/ ٣١٠).
[مسألة: استحباب مخالفة الطريق عند الرجوع من المصلى]
في "صحيح البخاري"(٩٨٦) عَنْ جَابِرٍ - رضي الله عنه - قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إذَا كَانَ يَوْمُ العِيدِ خَالَفَ الطَّرِيقَ. أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ.
قال الحافظ ابن رجب - رحمه الله - في "الفتح"(٩٨٦): وقد استحب كثير من أهل العلم للإمام وغيره إذا ذهبوا في طريق إلى العيد أن يرجعوا في غيره، وهو قول مالك، والثوري، والشافعي، وأحمد، ولو رجع من الطريق الذي خرج منه لم يُكره. انتهى المراد.
قال الحافظ ابن القيم - رحمه الله - في "زاد المعاد"(١/ ٤٤٩) وهو يذكر الاختلاف في بيان الحكمة من ذلك-، قال: قِيْلَ: لِيُسَلّمَ عَلَى أَهْلِ الطّرِيقَيْنِ. وَقِيلَ. لِيَنَالَ بَرَكَتَهُ الْفَرِيقَانِ. وَقِيلَ: لِيُظْهِرَ شَعَائِرَ الْإِسْلَامِ فِي سَائِرِ الْفِجَاجِ وَالطّرُقِ. وَقِيلَ: لِيَغِيظَ الْمُنَافِقِينَ بِرُؤْيَتِهِمْ عِزّةَ الْإِسْلَامِ وَأَهْلَهُ، وَقِيَامَ شَعَائِرِهِ. وَقِيلَ: لِتَكْثُرَ شَهَادَةُ الْبِقَاعِ؛ فَإِنَّ الذّاهِبَ إلَى الْمَسْجِدِ وَالْمصَلّى إحْدَى خُطْوَتَيْهِ تَرْفَعُ دَرَجَةً وَالْأُخْرَى تَحُطّ خَطِيئَةً حَتّى يَرْجِعَ إلَى مَنْزِلِهِ. وَقِيلَ وَهُوَ الْأَصَحّ: إنّهُ لِذَلِكَ كُلّهِ وَلِغَيْرِهِ مِنْ الْحِكَمِ الّتِي لَا يَخْلُو فِعْلُهُ عَنْهَا. اهـ