ذهب الجمهور إلى عدم وجوب تبييت النية في صوم التطوع، وقالوا: يجزئه أن يبتدئ النية من النهار مالم يأكل، وهو قول أحمد، والشافعي، وأبي حنيفة.
واستدلوا بحديث عائشة - رضي الله عنها - في "صحيح مسلم" برقم (١١٥٤)، قالت: دخل عليَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم فقال:«هل عندكم شيء؟»، قلنا: لا، قال:«فإني إذًا صائم»، وجاء في بعض الروايات «فإني صائم».
وفي "صحيح أبي عَوَانة «فأصوم»، برقم (٢٨٤١)، بإسناد صحيح.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: في "شرح العمدة" في "كتاب الصيام" (١/ ١٨٦): وهذا يدل على أنه أنشأ الصيام من النهار؛ لأنه قال:«فإني صائم»، وهذه الفاء تفيد السببية والعلة، فيصير المعنى:«إني صائم لأنه لا طعام عندكم»، وأيضًا فقوله «إني إذًا صائم»، و (إذًا) أَصْرح بالتعليل من الفاء. اهـ
قلتُ: ورواية أبي عوانة «فأصوم» ظاهرةً أيضًا في أنه أنشأ الصوم؛ لأنَّ الفعل «أصوم» مضارع يفيد الاستقبال، والله أعلم.
واستدل أهل هذا القول أيضًا بأنه قد صح عن جمعٍ من الصحابة أنهم يبتدئون صوم التطوع من النهار، منهم: أبو الدرداء، وأبو طلحة، وحذيفة، وابن مسعود، وأنس، ومعاذ بن جبل، كما في "مصنف ابن أبي شيبة" (٣/ ٣١،٢٩،٢٨)، وعبدالرزاق (٤/ ٢٧٢ - ٢٧٣)، والطحاوي في "شرح المعاني" (٢/ ٥٦)، ولا