للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وذهب أبو حنيفة إلى أنه يصح بنية قبل الزوال في صوم رمضان والنذر المعين، ووافق الجمهور على أن صوم القضاء والكفارة لا يصحان إلا بنية من الليل.

واستدل له بقول النبي - صلى الله عليه وسلم - في يوم عاشوراء: «من كان صائمًا فليتم صومه، ومن كان أكل فَلْيتم بقية يومه» متفق عليه بمعناه من حديث سلمة بن الأكوع، والرُّبيع بنت مُعوذ - رضي الله عنهما -. (١)

والراجح: هو القول الأول، وهو ترجيح ابن قدامة، والنووي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والصنعاني، والشوكاني رحمهم الله.

وأما الدليل الذي استدل به لأبي حنيفة فقد أجاب عنه شيخ الإسلام، وكذا الشوكاني بأنَّ النية إنما صحت في نهار عاشوراء؛ لكون الرجوع إلى الليل غير مقدور، ولكونه ابتدأ وجوبه من النهار، ولم يكن واجبًا عليهم من الليل بخلاف صوم رمضان.

قال النووي - رحمه الله - في "المجموع" (٦/ ٣٠١): لو سلمنا أنه كان فرضًا-يعني عاشوراء-فقد كان ابتداء فرضه عليهم من حين بلغهم، ولم يخاطبوا بما قبله كأهل قباء في استقبال الكعبة؛ فإن استقبالها بلغهم في أثناء الصلاة فاستداروا وهم فيها من استقبال بيت المقدس إلى استقبال الكعبة، وأجزأتهم صلاتهم حيث لم يبلغهم الحكم إلا حينئذ، وإن كان الحكم باستقبال الكعبة قد سبق قبل هذا في حق غيرهم، ويصير هذا كمن أصبح بلا نية، ثم نذر في أثناء النهار صوم ذلك اليوم. اهـ


(١) أخرجهما البخاري (١٩٢٤) (١٩٦٠)، ومسلم (١١٣٥) (١١٣٦).

<<  <   >  >>