الثاني: أنه لا يصح الشرط، وهو قول مالك، والأوزاعي، وأبي مِجْلز، ورواية عن أحمد.
وقد رجح الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله - القول الأول، واستدل له بحديث بضاعة بنت الزبير أنها كانت تريد الحج وهي شاكية، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «حجي واشترطي أنَّ: محلي حيث حبستني»(١)، قال: فيؤخذ من هذا أن الإنسان إذا دخل في عبادة واشترط شيئًا لا ينافي فلا بأس. اهـ
قلتُ: الذي يظهر والله أعلم أن هذا الشرط ينافي الاعتكاف؛ لأن الاعتكافَ حبسُ النفسِ ولزومها في المسجد، والأمر هنا ليس كذلك، فعلى هذا: فالراجح والله أعلم هو القول الثاني، وبالله التوفيق.
[مسألة: إذا شرط الوطء في اعتكافه، أو البيع للتجارة، أو الكسب بالصناعة؟]
قال ابن قدامة - رحمه الله -: لا يجوز؛ لأن الله تعالى قال:{وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}[البقرة:١٨٧]، فاشتراطُ ذلك اشتراطٌ لمعصية الله تعالى،
(١) أخرجه البخاري (٥٠٨٩)، ومسلم (١٢٠٧)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وأخرجه مسلم (١٢٠٨)، من حديث عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما -.