للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَدِيلاً للصوم لمن قدر عليه، فإذا لم يقدر بقي عديله، وهو الفدية، وهذا في الحقيقة يدل على غور فقهه -يعني ابن عباس - رضي الله عنهما -- وإلا فالإنسان إذا قرأ الآية فليس فيها تعرض لمن لا يطيق، بل فيها لمن يطيق، هذا وجه الدلالة، فصار العاجز عجزًا لا يرجى زواله، الواجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكينًا. اهـ

قلتُ: يريد الشيخ - رحمه الله - أن ظاهر الآية أن المستطيع للصوم كان مخيرًا بين الإطعام والصوم ثم نسخت، وليس فيها تعرض لمن لا يطيق الصوم، والأمر كما قال - رحمه الله -.

فقد ثبت في "الصحيحين" (١) من حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -، قال: لما نزلت {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: ١٨٤] كان من أراد أن يفطر ويفتدي حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها.

قلتُ: يعني قوله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة:١٨٥]، كما جاء مصرحًا في رواية في "صحيح مسلم"، وقد صح عن ابن عمر - رضي الله عنهما -، أيضًا القول بنسخ الآية كما في "صحيح البخاري" (٤٥٠٦).

٣) أن هذا عمل بعض الصحابة كأنس، وابن عباس، وأبي هريرة، وقيس بن السائب - رضي الله عنهم -، وقد قال ابن حزم - رحمه الله -: ولا يُعرف لهم من الصحابة مخالف.

وقد رجح هذا القول ابن قدامة، والنووي، وشيخ الإسلام، وابن القيم، وابن كثير، وهو ترجيح الشيخ الألباني، والشيخ ابن باز، والشيخ ابن عثيمين، والشيخ


(١) أخرجه البخاري برقم (٤٥٠٧)، ومسلم برقم (١١٤٥).

<<  <   >  >>