للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا القول هو الراجح إن شاء الله.

وقد أوردوا على هذا القول حديث عمران بن الحصين - رضي الله عنه -، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لرجل: «هل صمت من سَرَر هذا الشهر شيئًا؟»، وفي رواية: «من سَرَر شعبان؟» قال: لا. قال: «فإذا أفطرت فصم يومين مكانه». (١)

والسرر عند أكثر أهل اللغة يراد به آخر الشهر، سميت بذلك؛ لاستسرار القمر فيها، وهي ليلة ثمان وعشرين، وتسع وعشرين، وثلاثين.

وقد أجيب عن هذا الحديث بأجوبة منها:

أن السُّرَر -بضم السين- جمع سرة، وسرة الشيء وسطه، ويؤيده أنه قد جاءت رواية في مسلم «سُرَّة»، ويؤيده أيضًا الندب إلى صيام أيام البيض، وهي وسط الشهر.

وأجاب بعضهم: بأن النهي إنما هو لمن قصد التحري لأجل رمضان، وأما من لم يقصد ذلك فلا يتناوله النهي، وقد تقدم ما في هذا الجواب.

قال القرطبي - رحمه الله - في "المُفْهم": ويرتفع ما يتوهم من المعارضة بأن يحمل النهي على من لم تكن له عادة بصوم شيء من شعبان؛ فيصومه لأجل رمضان، وأما من كانت له عادة أن يصوم فليستمر على عادته، وقد جاء هذا أيضًا في بقية الخبر؛ فإنه قال: «إلا أن يكون أحدكم يصوم صومًا فليصمه».

وقد أجاب بهذا الجواب المازري، وتبعه القاضي عياض، وارتضاه النووي


(١) أخرجه البخاري برقم (١٩٨٣)، ومسلم برقم (١١٦١).

<<  <   >  >>