حال دون مطلع الهلال غيم، أو قتر ليلة الثلاثين من شعبان ثلاثة أقوال: أحدها: يجب صومه على أنه من رمضان. وثانيها: لا يجوز فرضًا ولا نفلاً مطلقًا، بل قضاءً، وكفارة، ونذرًا، ونفلاً وافق عادة. ثالثها: المرجع إلى رأي الإمام في الصوم والفطر. اهـ المراد
والمشهور عن أحمد القول الأول، واستدل عليه بقوله - صلى الله عليه وسلم -: «فَاقْدُروا له».
قالوا: وذلك بمعنى: (ضَيِّقوا عليه) مثل قوله تعالى: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ}[الأنبياء:٨٧]، وقوله {يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ}[الرعد:٢٦]، فالتضييق لا يكون إلا بأن يحسب له أقل زمان يطلع فيه، وهو طلوعه ليلة الثلاثين.
قالوا: ويؤيد ذلك فعل ابن عمر، وعائشة، وأسماء بنت أبي بكر (١) وغيرهم - رضي الله عنهم -، فقد صح عنهم أنهم كانوا يصومون هذا اليوم.
والجواب عن استدلالهم:
أما عن قوله - صلى الله عليه وسلم -: «فاقدروا له»، فقد قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: أي انظروا في أول الشهر، واحسبوا تمام الثلاثين. اهـ
وقال ابن القيم - رحمه الله -: فإن القدر هو الحساب المقدر، والمراد به الإكمال كما قال:«فأكملوا العدة».اهـ
والمراد بالإكمال إكمال عدة الشهر الذي غُمَّ.
(١) أثر ابن عمر، وعائشة أخرجه عنهما أحمد (٦/ ١٢٥ - ١٢٦) بإسناد صحيح، وأثر أسماء أخرجه عنها أحمد، وسعيد بن منصور كما في "زاد المعاد" (٢/ ٤٥) بإسنادين صحيحين.