والثوري، ورواية عن أحمد، واستدلوا بحديث عائشة - رضي الله عنها -، عند أبي داود أنها قالت: السُّنَّة على المعتكف ألَّا يعود مريضًا، ولا يشهد جنازة، ولا يمس امرأة، ولا يباشرها، ولا يخرج لحاجة إلا لما لا بد له منه، ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود (٢٤٧٣)، من طريق: عبدالرحمن بن إسحاق، عن الزهري، عن عروة، عن عائشة - رضي الله عنها -، وقد أعله الإمام أبو داود بالوقف، فقال: غيرُ عبدالرحمن لا يقولُ فيه (من السنة)، وأعله الدارقطني، ثم البيهقي بالإدراج.
واستدلوا أيضًا بحديث ابن عمر - رضي الله عنهما -، عند أبي داود (٢٤٧٤)، أن عمر - رضي الله عنه - جعل على نفسه في الجاهلية أن يعتكف، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «اعتكف وَصُمْ»، وهذا الحديث ضعيف، فقد تفرد به عبد الله بن بُدَيل عن عمرو بن دينار وهو ضعيف؛ ومع ذلك فقد خالف ما في "الصحيحين"؛ فإنه ليس فيهما الأمر بالصوم.
الثاني: أنه لا يلزمه الصوم إلا أن يوجبه على نفسه في نذره، وهذا مذهب الشافعي، وإسحاق، والمشهور عن أحمد، وصح هذا عن ابن عباس - رضي الله عنهما - كما في "سنن الدارقطني"(٢/ ١٩٩)، ورُوي مرفوعًا ولا يصح رفعه، وروي ذلك عن علي، وابن مسعود - رضي الله عنهما - (١)، وسعيد بن المسيب، وعمر بن عبدالعزيز.
(١) أخرجهما ابن أبي شيبة (٣/ ٨٧)، وفيه ليث بن أبي سُليم وهو ضعيف، والحكم بن عُتيبة يرويه عنهما ولم يسمع منهما؛ فهو منقطع أيضًا.