ولا يصح الإجماع، فقد وجد خلافٌ شاذٌّ لا يُلْتَفتُ إليه كما في "الفتح"، وقد اختلفوا في هذا المسجد:
فذهب بعضهم إلى اختصاص الاعتكاف في المساجد الثلاثة، وهو قول حذيفة - رضي الله عنه -، وخصَّهُ عطاءُ بمسجد مكة والمدينة، وابن المسيب بمسجد المدينة، وذهب الجمهور إلى عمومه في كل مسجد إلا من تلزمه الجمعة، فاستحب له الشافعي في المسجد الجامع، وشرطه مالك؛ لأن الاعتكاف عنده ينقطع بالجمعة.
وذهب الحسن، وحماد، والزُّهريُّ، وهو أحد قولي مالك إلى أنه لا اعتكاف إلا في مسجد تُقام فيه الجمعة.
وذهب أبو حنيفة، وأحمد، وإسحاق، وأبو ثور إلى اختصاصه في المساجد التي تقام فيها الصلوات.
وهذا القول هو الراجح؛ لأنه إن اعتكف في مسجد لا تقام فيه الجماعة؛ فإنه إما أن يترك الجماعة ويبقى في المسجد وهذا لا يجوز، وإما أن يخرج كثيرًا، والخروج الكثير ينافي الاعتكاف، وهو مع ذلك يستطيع التحرز منه.
وأما حديث:«لا اعتكاف إلا في المساجد الثلاثة» فقد أخرجه الإسماعيلي في "معجمه"(٣٣٦)، والبيهقي (٤/ ٣١٦)، والطحاوي (٤/ ٢٠)، والطبراني (٩٥١١)، والفاكهي (٢/ ١٤٩)، من حديث حذيفة - رضي الله عنه -، وقد اختلف في رفعه ووقفه، والصحيح أنه موقوف على حذيفة - رضي الله عنه -، وعلى فرض صِحَّةِ