«المجنون حتى يعقل»(١)، وهذا مذهب الحنابلة، والشافعية، وأبي حنيفة، وغيرهم.
وخالف أبو العباس بن سريج، وقال بالقضاء، وهو مذهب المالكية.
وأما إذا جُنَّ جزءًا من النهار: فذهب جمهور الحنابلة، وهو وجهٌ للشافعية، إلى أنه يصح صومه، وهو ترجيح ابن قدامة، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن حزم.
قال ابن حزم - رحمه الله - في "المحلى"(٤/ ٣٦٣): كنا نذهب إلى أنَّ المجنون، والمُغْمَى عليه يبطل صومهما ولا قضاء عليهما، ونقول: إن الدليل في ذلك ...
ثم ذكر الحديث المتقدم «رفع القلم عن ثلاثة .. ».
قال: ثم تأملنا الخبر بتوفيق الله تعالى، فوجدناه ليس فيه إلا ما ذكرنا من أنه غير مخاطب في حال جنونه حتى يعقل، وليس في ذلك بطلان صومه الذي لزمه قبل جنونه، ولا عودته عليه بعد إفاقته، وكذلك المغمى عليه؛ فوجب أن من جُنَّ بعد أن نوى الصوم من الليل فلا يكون مفطرًا بجنونه، لكنه فيه غير مخاطب، وقد كان مخاطبًا به؛ فإنْ أفاق في ذلك اليوم أو في أيام بعده من أيام رمضان فإنه ينوي الصوم من حينه ويكون صائمًا؛ لأنه حينئذ علم بوجوب الصوم عليه. اهـ
وذهب الشافعي إلى أنَّ صومه فاسد، وعلل ذلك بأنه معنى يمنع وجوب الصوم، فأفسده وجوده في بعضه كالحيض، وقد رجح هذا المجد ابن تيمية جد شيخ الإسلام.
(١) أخرجه أحمد (٦/ ١٠٠ - ١٠١)، وأبو داود (٤٣٩٨)، والنسائي (٦/ ١٥٦)، من حديث عائشة - رضي الله عنها -، وأخرجه أبو داود (٤٣٩٩ - ٤٤٠١)، وابن خزيمة (١٠٠٣)، والحاكم (٢/ ٥٩)، عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -، وهو موقوف له حكم الرفع، وإسناد الأول ضعيف، والثاني صحيح، وانظر "الإرواء" (٢٩٧).