القضاء فالذي عليه الجمهور أنه يلزمه؛ لأنه مازال مكلفًا، ولأن الإغماء مرض، وقد قال تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة:١٨٤]. وهو ترجيح الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -.
وقد قال ابن قدامة - رحمه الله -: بغير خلاف علمناه. اهـ
لكن الصحيح وجود الخلاف كما في "الإنصاف"، ثم قلت: لعل الخلاف لبعض المتأخرين، فقد نقل الإجماع المزني، وهو متقدم؛ فقال - رحمه الله - كما في الحاوي (١٥/ ٤٩٦): وأجمعوا أنه لو أغمي عليه الشهر كله؛ فلم يعقل فيه أن عليه قضاءه. اهـ وانظر "المحلى"(٤/ ٣٦٥).
وأما إذا أغمي عليه بعض النهار: فالذي عليه الحنابلة، وهو أحد قولي الشافعي: أن صومه يجزئه، وهو قول الحنفية، ورجحه شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في "شرحه للعمدة" حيث قال بعد أن ذكر الحديث المتقدم: والإمساك لا يكون إلا مع حضور العقل، ولم نشترط وجود الإمساك في جميع النهار، بل اكتفينا بوجوده في بعضه؛ لأنه دخل في عموم قوله:«يدع طعامه وشهوته من أجلي». وقال بهذا القول المالكية؛ إلا أنهم اعتبروه بشرط أن يفيق أكثر اليوم.
وذهب الشافعي في أحد قوليه إلى أن الإفاقة تعتبر إذا كانت في أول النهار. وهو قول المالكية فيما إذا أفاق أقل اليوم.
والراجح ما تقدم قبلُ، والله أعلم.
انظر:"المغني"(٣/ ١٢)، "الشرح الممتع"(٦/ ٣٦٥)، "الإنصاف"(٣/ ٢٦٤) شرح