الله ذلك فأوجب الصيام بقوله:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}[البقرة:١٨٥].
والدليل على ذلك حديث سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه -، في "الصحيحين"(١) قال: لَمَّا نزلت هذه الآية: {وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} كان من أراد أن يفطر يفتدي، حتى نزلت الآية التي بعدها فنسختها.
وفي رواية لمسلم: كنا في رمضان على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من شاء صام ومن شاء أفطر، فافتدى بطعام مسكين حتى نزلت هذه الآية:{فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.
فائدة:
كان في أول الإسلام يحرم على الصائم الأكل، والشرب، والجماع من حين ينام أو يصلي العشاء الآخرة، فأيهما وجد أولًا حصل به التحريم، ثم نسخ ذلك وأبيح له إلى طلوع الفجر، سواءٌ نام أم لا.
ويدل علىه حديث البراء بن عازب - رضي الله عنهما - عند البخاري برقم (١٩١٥)، قال: كان أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - إذا كان الرجل صائمًا، فحضر الإفطار، فنام قبل أن يفطر، لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يُمْسِي، وإن قيس بن صِرمة الأنصاري - رضي الله عنه - كان صائمًا، فلما حضر الإفطار أتى امرأته، فقال لها: أعندك طعام؟ قالت: لا، ولكن أنطلقُ فأطلبُ لك. وكان يومه يعمل، فغلبته عيناه فجاءته امرأته، فلما رأته قالت: خيبة لك! فلما انتصف النهار غشي عليه، فذكر ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم -؛ فنزلت هذهالآية: