يُرِيد العكر الدثر، فَكسر الثَّاء لكسرة الرَّاء على لُغَة من يَقُول قَامَ بكر ومررت ببكرٍ. وَقَالَ أَبُو ذرٍ: يَا رَسُول اللَّهِ ذهب أهل الدُّثُور بِالْأُجُورِ، يَعْنِي أَصْحَاب الْأَمْوَال الْكَثِيرَة.
قَالَ القَاضِي: وَالْوَقْف فِي بكر على حَرَكَة إِعْرَاب طرفه لُغَة مَعْرُوفَة للْعَرَب، وَقد روى عَنْ أبي عَمْرو أَنَّهُ قَرَأَ: " وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ " الْبَلَد: ١٧ فِي بِالْوَقْفِ بِكَسْر الْبَاء، وَمن هَذِه اللُّغَة قَول الشَّاعِر:
علمنَا إِخْوَاننَا بَنو عجل ... شرب النَّبِيذ واعتقالا بِالرجلِ
وَقد شرحنا عِلّة هَذِه اللُّغَة فِي موضعهَا. وَالْعرب أَيْضا تَقول مَال دثر وأموال دثر. قَالَ أَبُو بكر: قَليلَة الْفرش والإفال الْفرش: الصغار من الْإِبِل الَّتِي لَا تطِيق أَن يحمل عَلَيْهَا، والإفال: الصغار من الْإِبِل وَاحِدهَا أفيل. قَالَ القَاضِي: قد قيل إِن الْفرش الْغنم، والحمولة الْإِبِل وَالْبَقر وَالْبِغَال وَالْحمير، فَأَما الإفال فَهِيَ الصغار عِنْد اللغويين، قَالَ الفرزدق:
وَجَاء قريع الشول قبل إفالها ... يزف وَجَاءَت خَلفه وَهِي زفف
ويروى يرف، وَهِي رفف، وَالْمعْنَى وَاحِد، وَهُوَ الْمَشْي السَّرِيع. قَالَ الله عز ذكره: " فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ " الصافات: ٩٤ وَمن القرأة من يقْرَأ يرفون. قَالَ أَبُو بكرٍ واجتملها الْحدثَان ذهب بجملتها وَلم يبْق مِنْهَا شَيْئا.
حبجًا وغدة الغدة: من أدواء الْإِبِل، الحبج: أَن تَأْكُل الْإِبِل النَّبَات فتنتفخ بطونها حَتَّى تَمُوت. وَقَالَ الزُّبَيْر بْن بَكَّار: لما ورد نعي مُصعب بْن الزُّبَيْر على أهل مَكَّة صعد عَبد اللَّه بْن الزُّبَيْر الْمِنْبَر فَقَالَ: الْحَمد لله الَّذِي لَهُ الْخلق وَالْأَمر يُؤْتِي الْملك من يَشَاء وَينْزع الْملك مِمَّن يَشَاء، ويعز من يَشَاء ويذل من يَشَاء؛ أَلا وَإنَّهُ لم يذلل الله تَعَالَى من كَانَ الْحق مَعَه وَلَو كَانَ فَردا، وَلم يعزز من كَانَ الشَّيْطَان وليه وَحزبه وَلَو كَانَ الْأَنَام كلهم مَعَه، أَلا وَإنَّهُ أَتَانَا خبر من الْعرَاق أحزنا وأفرحنا، أَتَانَا قتل المصعب بْن الزُّبَيْر رَحمَه الله، فَأَما الَّذِي أحزننا فَإِن لفراق الْحَمِيم لذعة يجدهَا حميمه عِنْد الْمُصِيبَة ثُمَّ يرعوي من بعْدهَا ذَوُو الْعَزْم إِلَى جميل الصَّبْر وكرم العزاء، وَأما الَّذِي أفرحنا فَإِن الْقَتْل كَانَ لَهُ شَهَادَة، وَإِن الله عز وَجل جعل ذَلِك لنا وَله خيرة. أَلا وَإِن أهل الْعرَاق أهل الْغدر والنفاق أسلموه وباعوه بِأَقَلّ الثّمن، فَإِن يقتل فَإنَّا وَالله مَا نموت حبجًا كَمَا يَمُوت بَنو أَبِي الْعَاصِ، وَمَا نموت إِلَّا قتلا قعصًا بِالرِّمَاحِ وموتًا تَحت ظلال السيوف، أَلا وَإِنَّمَا الدُّنْيَا عَارِية من الْملك الْأَعْلَى الَّذِي لَا يَزُول ملكه وَلَا يبيد، فَإِن تقبل على الدُّنْيَا لَا آخذها أَخذ الأشر البطر، وَإِن تدبر عني لَا أبك عَلَيْهَا كالخرف المهتر.
قَالَ أبوب بكر: فقرع مراحي المراح: مَوضِع الْإِبِل الَّذِي تراح إِلَيْهِ، يَعْنِي أَن إبِله مَاتَت وَتَلفت وَبَقِي مراحها أَقرع، وَالْعرب تَقول قد قرع مراح الرجل إِذا ذهب مَاله، قَالَ الشَّاعِر:
إِذا آداك مَالك فانتهبه ... لجاديه وَإِن قرع المراح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute