للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُقال له: الهيثم بن زياد، فحدّث بذلك ابن عمّ لها كان يخطبها، وكان لها مال عند أهلها، فمشى إليهم ابن عمّها هذا، فأخبرهم خبر أبي الأسود، وسألهم أن يمنعوها من نكاحه، ومن مالها الذي في أيديهم، ففعلوا، وضارّوها حتّى تزوّجت ابن عَمّها، ففي ذلك يقول أبو الأسود:

أَمِنْتَ عَلَى السِّرّ امرءًا غَيْرَ حَازِمٍ … وَلكِنَّهُ في النُّصْحِ غَيْرُ مُرِيبِ

أَذَاعَ بِه فِي النَّاسِ حَتَّى كَأَنَّهُ … بِعَلْيَاءَ نار أُوقِدَتْ بِثُقُوبِ

وَكُنْتَ مَتَى لَمْ تَرْعَ سِرَّكَ تنتَشرْ … قَوَارِعُه مِنْ مُخْطِئٍ وَمُصِيبِ

فَمَا كُلُّ ذِي لُبٍّ بِمُؤْتِيكَ نَصْحَه … وَمَا كُلُّ مُؤتٍ نُصْحَه بِلَبِيبِ

وَلِكن إِذَا مَا اسْتَجْمَعَا عِنْد وَاحدٍ … فَحُقَّ لَهُ مِنْ طَاعَةٍ بِنَصِيبِ

المريب: المتهم، وأذاع به: أفشاه. وكأَنَّه يعني: السرّ. والثقوب: ما تثقبُ به النَّار، وتَرْعَى: تَحْفظ. واللُّب: العقل. يقول: إنّ ذَا اللّب قد لا يمنحك نصحًا كاملًا، كما أنَّ ذا النّصح المخلص قدْ لا يكون عَاقلًا، فإذا خلص نصح اللبيب، نال النصوح من بغيته أوفر نصيب؛ وكذلك قد يخدع مستودع السرّ، إذا لم يكن من ذوي الحَزْمِ والحُجْر، فمن لم يُودع سرّه حازمًا، فجدير أنْ يكون نادِمًا. ومما أوصى به عبد الله بن حسن بن الحسن (١) ابن عليّ بن أبي طالب - رضي الله عنه -، ابنه محمّدًا (٢)، "يا بنيَّ احذر الجاهل، وإنْ كان


(١) "ابن الحسن" ساقط من الأصل، وينظر نسب قريش ٥١، وعبد الله من أشراف بني هاشم وخطبائهم، ووصيته في البيان والتبيين ١/ ٣٣٢، ٢/ ١٧٤ مع بعض الاختلاف.
(٢) هو الذي خرج بالمدينة على المنصور، فقتله عيسى بن موسى بها. "نسب قريش ٥٣".

<<  <  ج: ص:  >  >>