فإذا هي قد جاءت لجرير، وفيها هذا البيت، وهذا من المواردة.
ومثله ما يروى: أن الفرزدق وجريراً خرجا مرتدفين إلى هشام بن عبد الملك، فتزل جرير يبول، فجعلت الناقة تتلفت، فضربها الفرزدق وقال:
علامَ تلفّتينَ وأنتِ تحتي ... وخير الناس كلِّهمُ أمامي
متى تردي الرُّصافةَ تستريحي ... من التهجيرِ والدَّبرِ الدَّوامي
فقال: الآن يجيء جرير، فأنشده هذين البيتين، فيرد علي، ويقول
تلفَّتْ أنَّها تحتَ ابنِ قينٍ ... إلى الكيرينِ والفاسِ الكهامِ
متى ترد الرُّصافةَ تخزَ فيها ... كخزيكَ في المواسم كلَّ عامِ
قال: فجاء جرير والفرزدق يضحك، فقال: ما يضحكك يا أبا فراس؟ ?! فأنشد البيتين. فقال جرير:
تلفَّتُ أنَّها تحتَ ابنِ قينٍ
وأنشده البيتين بأعيانهما، كما قال الفرزدق سواء.
فقال الفرزدق: والله لقد قلت هذا! فقال له جرير: أما علمت أن شيطاننا واحد؟! ومن طريف تواردهما أيضاً، أن الفرزدق مر عليه راكب، وهو بالبصرة، فقال له: من أين وجهك؟ فقال: من اليمامة.