قيل: يفسد هذا من قبل أن "صه" لفظ، قد انصرف إليه عن لفظ الفعل، الذي هو "اسكت"، وترك، ورفض من أجله، فلو ذهبت تعاوده، أو تتصور مصدره، لكانت تلك معاودة له، ورجوعاً إليه، بعد الإبعاد عنه، والتحامي للفظه.
فإن قيل: فما الفائدة في تسمية هذه الأفعال، بهذ الأسماء؟ فالجواب عن ذلك، من ثلاثة أوجه: أحدها: الاتساع في اللغة، ألا تراك لو احتجت في قافية إلى قولك:
قدنا إلى الشَّام جيادَ المصرين
لأمكنك أن تجعل إحدى قوافيها "دهدرين"، ولو جعلت هناك ما هذا اسمه، لفسد، وهذا واضح.
والثاني: للمبالغة وذلك أنك في المبالغة، لا بد أن تترك موضعاً لموضع، إما لفظاً إلى لفظ، وإما جنساً إلى جنس. فاللفظ "عراض"، فهذا قد تركت إليه لفظ "عريض"، فعراض أبلغ إذ من عريض، وكذلك، رجل حسان، ووضاء أبلغ إذن من حسن، ووضئ، فإذا أريد بالفعل المبالغة في معناه، اخرج عن لفظه، ومعتاد حاله، من التصرف، فمنعه، وذلك نعم وبئس، وفعل التعجب.
والثالث: ما في ذلك من الاختصار، وذلك أنك تقول: للواحد صه، وللاثنين صه، وللجماعة صه، وللمؤنث صه، ولو أردت المثال نفسه، لوجب فيه، التثنية، والجمع، والتأنيث.
فلما اجتمع في تسمية هذه الأفعال ما ذكرنا، من الاتساع، والاختصار