والعامل في "رب" الفعل الذي تعلقت به، وأكثر ما يأتي محذوفاً أبدا، وكان من حق "رب"، أن تكون بعد الفعل، موصلة له إلى المجرور، كسائر حروف الجر، ألا ترى أنك إذا قلت: مررت بزيد، وذهبت إلى عمرو، أوصلت المرور إلى زيد "بالباء"، والذهاب إلى عمرو "بإلى"، والباء وإلى بعد الفعل، فكان يلزم أن تكون "رب" كذلك.
ولكنها لما كنت في أصل وضعها للتقليل، وكانت لا تعمل إلا في نكرة، صارت مقابلة "لكم"، إذ كانت خبرا، فجعل لها صدر الكلام.
قال سيبويه: إذا قلتك رب رجل يقول ذاك، فقد أضفت القول إلى الرجل "برب" فالعامل عنده في "رب" هو قولك: "يقول ذاك". وقد خولف فيه.
وقيل: هذا لا معنى له، لأن اتصال الصفة بالموصوف يغني عن الإضافة. فإن قيل: هي مختصة بمعنى التقليل فقط، أم تكون للتقليل والتكثير؟ فالجواب: أنها للتقليل خاصة، وبه قال جلة النحويين، وكبراء البصريين، وأنها ضد "كم". كالخليل، وسيبويه، وعيسى بن عمر، ويونس وأبي زيد الأنصاري، وأبي عمرو بن العلاء، وأبي الحسن الأخفش، وسعيد بن مسعدة، وأبي عثمان المازني، وأبي عمر الجرمي، وأبي العباس المبرد، وأبي بكر بن السراج، وأبي إسحاق الزجاج وأبي علي الفارسي، وأبي الحسن الرماني، وأبي الفتح ابن جني، وأبي سعيد السيرافي.
وكذلك جلة الكوفيين، كالكسائي، والفراء، ومعاذ الهراء، وابن سعدان