وهشام ولا مخالف لهؤلاء، إلا صاحب "كتاب العين" فإنه صرح أنها للتكثير، ولم يذكر أنها تجيء للتقليل.
وذكر الفارسي في كتاب "الحروف" أنها تكون تقليلاً وتكثيراً، وقال أبو الحجاج يوسف بن سليمان الأعلم رحمه الله: رب للتقليل خاصة، إلا أن التقليل، تقل ذاته ووجوده مرة، ويقل وجوده مرة وإن كثرت ذات وعظمت، كقول المفتخر من العرب. رب غارة أغرت على بني فلان، ورب ناقة كوماء نحرت، وما أشبهه.
فالمعنى: إن الغارة وإن تناهت في عظم ذاتها، وكثرة عمومها، فهي قليلة المثل، ومعدومة النظير، وكذلك الناقة، وإن كثرت وعظمت، فهي من غيره غريبة الوجود، قليلة.
فهذا معنى "رب" في الكلام، وعلى هذا لتأويل، وقعت في الافتخار، وقد توهم بعض النحويين، أنها للتكثير، الذي هو ضد التقليل المعلوم فيها، فأخرجها إلى "كم" وليست كذلك؛ أنها حرف خفض، وقد لزمت أول الكلام، كما لزمه حرف النفي، لأن التقليل قد ينفى به، كما ينفى "بما" النافية، في قولهم: قل من يقول ذلك. فلو كانت للتكثير، كما كانت "كم"، وهي حرف جر، لم يصدر بها، كما صدر "بكم"، لأنها حرف، والحرف لا يبتدأ به.
وقال أبو محمد عبد الله بن السيد رحمه الله:"اعلم أن "رب" و"كم" بنيا على التناقض، في أصل وضع "رب" للتقليل، وأصل وضع