للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واستدلَّ أصحاب القول الثالث القائل – يجزئ دلك أسفل الخف إن كانت النجاسة جافة، وإن كانت رطبةً فلا يجزئ إلا الغسل- بما يلي:

الدليل الأوّل: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي – صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا وطئ أحدكم الأذى بخفيه، فطهورهما التراب) (١).

وجه الدلالة من الحديث:

ظاهر هذا الخبر يقتضي جواز تطهير نجاسة أسفل الخف بالمسح، سواء أكانت رطبة أو يابسة، إلا أن الدلالة قد قامت على أنه لا يجزئ في الرطب إلا الغسل؛ لأن الصلاة تمتنع مع النداوة القائمة التي لا تزول بالدلك، فلم يبق إلا أن يكون مدلول الخبر جواز دلكها بعد الجفاف (٢)، وعلى ذلك لابد من التفريق بين الرطب واليابس، فيطهر اليابس بالدلك، والرطب بالغسل.

نوقش:

الأصل أن النصوص تحمل على ظاهرها إلا أن يدل دليل أو قرينه على خلاف الظاهر (٣).

الدليل الثاني: دلك النجاسة بعد جفافها يزيل أثرها، أما دلكها قبل الجفاف لا يجزئ؛ لأن أثرها يبقى، والأثر دليل على الوجود (٤).

يمكن أن يناقش:


(١) رواه أبو داود في كتاب الطهارة، باب في الأذى يصيب النعل (١/ ١٠٥) (٣٨٦)، وابن خزيمة في صحيحه (١/ ١٤٨) (٢٩٢)، قال ابن حجر في الدراية في تخريج أحاديث الهداية (١/ ٩١): "في إسناده مقال"، وقال الصنعاني في سبل السلام (١/ ٢٠٦): "سنده ضعيف"، وقال الالباني في صحيح موارد الظمآن إلى زوائد ابن حبان (١/ ١٧٣): "حسن صحيح".
(٢) انظر: شرح مختصر الطحاوي، للجصاص (٢/ ٤٨).
(٣) انظر: شرح معاني الآثار، للطحاوي، حديث (٢٨٩)، عون المعبود (٢/ ٢١٩).
(٤) انظر: الشرح الكبير، لأبي الفرج (٢/ ٣١٦).

<<  <   >  >>