للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المراد بالنجاسة في الآية هي نجاسة الاعتقاد والاستقذار وليس المراد نجاسة أعضائهم (١).

قال الواحدي (٢): "قال أهل العلم وأصحاب المعاني: هذه النجاسة التي وصف الله بها المشركين نجاسة الحكم لا نجاسة العين، سموا نجسًا على الذم، ولو كانت أعيانهم نجسة لما طهرهم الإسلام، ولكن شركهم يجري مجرى القذر في أنه يوجب نجسهم فسموا نجسًا لهذا المعنى" (٣).

الدليل الثاني: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أن رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قال: (سُبْحَانَ اللَّهِ إِنَّ المُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ) (٤).

الدليل الثالث: عن ابْنُ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قال: «المُسْلِمُ لَا يَنْجُسُ حَيًّا وَلَا مَيِّتًا» وَقَالَ سَعِيدٌ بن المسيب (٥): «لَوْ كَانَ نَجِسًا مَا مَسِسْتُهُ» (٦).

وجه الدلالة:

دلت الأحاديث والآثار المذكورة على طهارة المسلم، حيًا كان أو ميتًا، والخبر إنما ورد في المسلم، ولا يصح قياس الكافر عليه، لأن الكافر لا حرمة له بدليل عدم الصلاة عليه (٧).

نوقش: لفظ المؤمن إنما ورد في الحديث تغليبًا لا تخصيصًا، ويجوز أن يكون المعنى أن المؤمن طاهر


(١) شرح النووي على مسلم، (٤/ ٦٦)، العدة في شرح العمدة في أحاديث الأحكام، لابن العطار (١/ ٢٠٢)، أسنى المطالب (١/ ١٠).
(٢) هو أبو الحسن، علي بن أحمد بن محمد بن علي بن متويه الواحدي، أستاذ عصره في النحو والتفسير، لازم أبا إسحق الثعلبي المفسر، وأخذ العربية عن أبي الحسن الضرير، من تفاسيره (البسيط، والوسيط، والوجيز) وله كتاب أسباب النزول، وغير ذلك، توفي سنة (٤٦٨). هـ، انظر: وفيات الأعيان (٣/ ٣٠٣، ٣٠٤)، طبقات الشافعية، للسبكي (٥/ ٢٤٠، ٢٤١).
(٣) التفسير البسيط، للواحدي (١٠/ ٣٥٢).
(٤) تقدم تخريجه ص ١٣٦.
(٥) هو سعيد بن المسيب بن حزن المخزومي، فقيه المدينة، كنيته أبو محمد، من كبار التابعين وأجلهم وأعلمهم، أدرك عليًا وعثمان وسمع من أبي هريرة وأبي سعيد، توفي سنة (٩٤) هـ، انظر: الكنى والأسماء (٢/ ٧١٩)، تذكرة الحفاظ (١/ ٤٤)، شذرات الذهب (١/ ٣٧٠).
(٦) رواه البخاري في كتاب الجنائز، باب غسل الميت ووضوئه بالماء والسدر (٢/ ٧٣).
(٧) انظر: شرح الزرقاني على مختصر خليل (١/ ٥٣)، المغني (١/ ٣٥)، المبدع (١/ ٢١٨).

<<  <   >  >>