للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأنه يفضي إلى كشف العورة؛ وعدم اللزوم لا ينفي الصحة، فلو صلى قائمًا صحت صلاته؛ لأن في القيام تكميلًا للأركان وهو مقصود في الجملة، ومتى لم يكن بدًا من الإخلال ببعض فروض الصلاة لم يتعين أحدها (١).

الدليل الثاني: قاعدة: "إذا تعارض مفسدتان روعي أعظمهما ضررًا بارتكاب أخفهما" (٢)

في القعود ستر للعورة، وفي القيام أداء الأركان، فجاز كلاهما إلا أن القعود أولى؛ لأن فيه ستر العورة المغلظة والإتيان بما يقوم مقام الأركان، وفي القيام إتيان بالأركان وترك الستر وما يقوم مقامه (٣).

الدليل الثالث: العريان إذا صلى قاعدًا مومئًا بالركوع والسجود فقد أتى ببعض الركوع والسجود التامين؛ وستر معظم العورة المغلظة، ولم يفته سوى تكميل الأركان وتكميل الشرط المعجوز عنه؛ وهذا لا يخرج عن جنس الصلاة المشروعة (٤).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- يصلى العريان قائمًا -وجوبًا- يركع ويسجد، لا فرق بين الخلوة وغيرها - بما يلي:

الدليل الأوّل: قال الله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (٢٣٨)} (٥).

الدليل الثاني: عن عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ (٦) - رضي الله عنه - قال: كَانَتْ بِي بَوَاسِيرُ، فَسَأَلْتُ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - عَنِ الصَّلَاةِ، فَقَالَ: (صَلِّ قَائِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ) (٧).


(١) انظر: شرح العمدة (١/ ٣٢٩).
(٢) غمز عيون البصائر (١/ ٢٨٦).
(٣) انظر: التجريد، للقدوري (٢/ ٦٠٨)، ٦٠٩)، الهداية، للمرغيناني (١/ ٤٦)، كشاف القناع (١/ ٢٧٢).
(٤) انظر: شرح العمدة (١/ ٣٢٨).
(٥) سورة البقرة، من الآية (٢٣٨).
(٦) هو عمران بن حصين بن عبيد الخزاعي، يكنى بأبي نجيد، أسلم عام خيبر غزى عدة غزوات، انتقل إلى البصرة ومات بها سنة. (٥٢ هـ).
انظر: التاريخ الكبير (٦/ ٤٠٨)، الكنى والأسماء (٢/ ٨٥٤)، الإصابة (٤/ ٥٨٤، ٥٨٥).
(٧) رواه البخاري في كتاب الجمعة، باب إذا لم يطق قاعدا صلى على جنب (٢/ ٤٨) (١١١٧).

<<  <   >  >>