للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

هذه النصوص يعارضها قوله - صلى الله عليه وسلم - جعلت لي الأرض مسجدا وطهوراَ، وقوله لأبي ذر حيثما أدركتك الصلاة فصل فقد جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا، وهي من فضائله عليه الصلاة والسلام، فتكون ناسخة لما عرضها من أحاديث النهي (١).

أجيب بعدة أجوبة:

١ - حديث النهي خاص، وحديث الإباحة عام (٢)، والخاص يقدم على العام (٣).

٢ - قوله: "جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا" بيان لكون جنس الأرض مسجدًا له، وذلك لا يمنع أن تعرض للأرض صفة تمنع السجود عليها، كأن تكون مقبرة، فهي محل للسجود لكن عرض لها ما يخرجها عن كونها مسجدًا (٤).

٣ - عموم أحاديث الإباحة قد خص منها الموضع النجس، وتخصيصها بالاستثناء والنهي الصريح أولى (٥).

٤ - المقصود من أحاديث الإباحة بيان اختصاص النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمته بالتوسعة عليهم في مواضع الصلاة دون من قبلهم من الأمم، وليس المقصود تفصيل الحكم (٦).

كما يمكن أن يجاب: بأن أحاديث النهي عن الصلاة في المقابر مستفيضة ومتواترة (٧).

الدليل السادس: الصلاة في المقبرة قد تتخذ ذريعة إلى عبادة القبور، أو إلى التشبه بمن يعبد القبور، لذا نهي عنها سدًا لذريعة الشرك (٨).


(١) انظر: التمهيد، لابن عبد البر (١/ ١٦٨).
(٢) انظر: المغني (٢/ ٥١)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٣/ ٢٩٧).
(٣) انظر: الأشباه والنظائر، للسبكي (٢/ ١٩٦)، إرشاد الفحول، للشوكاني (١/ ٣٩٩).
(٤) انظر: شرح العمدة لابن تيمية (١/ ٤٣٩).
(٥) انظر المرجع السابق (١/ ٤٤٠).
(٦) انظر: شرح العمدة لابن تيمية (١/ ٤٤٠).
(٧) انظر: المحلى (٢/ ٣٤٨)، شرح العمدة لابن تيمية (١/ ٤٣٥).
(٨) انظر: الفتاوى الكبرى (٥/ ٣٢٧)، مجموع الفتاوى (٢٢/ ١٥٩).

<<  <   >  >>