للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المغصوبة، ولو لم تصح صلاتهم لأمروهم بذلك (١).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل-لا تصح الصلاة في الأرض المغصوبة - مطلقًا - لا فرق بين مغصوبة المنفعة أو الرقبة-بما يلي:

الدليل الأوّل: الغاصب قد عصى اللهَ بغصبه، وحركاته في الصلاة من قيام وقعود وركوع وسجود اختيارية واقعة في مكان محرم، والمعصية يستحيل أن تكون طاعة؛ فيحكم ببطلانها (٢).

نوقش: الاستحالة إنما تتحقق عندما يكون العبد متقرب بالوجه الذي هو عاص به، وأما الصلاة في الموضع المغصوب فمتعلق الأمر والنهي فيها متغايران، فهما كاختلاف المحلين، واجتماعهما إنما كان باختيار المكلف، فلا تلازم بينهما، وعليه فلا تناقض واستحالة والصلاة صحيحة (٣).

الدليل الثاني: قاعدة "درء المفاسد أولى من جلب المصالح" (٤)

تصحيح الصلاة في الموضع المغصوب يؤدي لكثرة الغصب، لأن العبادات ما دامت تصح مع الغصب فإن القول بذلك يفضي لانتشار الظلم، ودفعًا لهذه المفسدة يحكم بعدم صحة. الصلاة (٥).

يمكن أن يناقش: جاء في الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (مَنْ ظَلَمَ مِنَ الأَرْضِ شَيْئًا طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ) (٦).

١ - تحريم الشارع للغصب والإنكار الشديد والتهديد العظيم منه للغاصبين والظلمة؛ فيه كفاية


(١) انظر الممتع (١/ ٣٢١).
(٢) انظر: المستصفى (١/ ٦٢)، المغني (٢/ ٥٦).
(٣) انظر: المجموع (٣/ ١٦٤)، التحبير شرح التحرير (٢/ ٩٥٨).
(٤) الأشباه والنظائر (١/ ٨٧)، الأشباه والنظائر، ابن نجيم (١/ ٧٨).
(٥) انظر: تيسير مسائل الفقه، عبد الكريم النملة (١/ ٣٨١).
(٦) رواه البخاري في كتاب المظالم والغصب، باب إثم من ظلم شيئاً من الأرض (٣/ ١٣٠) (٢٤٥٢).

<<  <   >  >>