للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الأوّل: عَنْ خَبَّابٍ (١) -رضي الله عنه- قَالَ: (شَكَوْنَا إِلَى رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - الصَّلَاةَ فِي الرَّمْضَاءِ (٢)، فَلَمْ يُشْكِنَا (٣) (٤)، وزاد البيهقي: (في جباهنا وأكفنا) (٥).

وجه الدلالة من الحديث:

الحديث صريح الدلالة في وجوب مباشرة المصلي للأرض بجبهته وكفيه، حيث إن الصحابة لما شكوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - شدة الحر وما ينالهم من الرمضاء، فلم يجبهم إلى مطلوبهم، ولو صح السجود مع عدم المباشرة لأرشدهم إليه (٦).

نوقش: يحتمل أنهم طلبوا منه تأخير الصلاة، أو تسقيف المسجد، ليزول عنهم ضرر الرمضاء في جباههم وأكفهم، ولم يطلبوا الترخيص في السجود على العمائم ونحوها؛ لأنهم كانوا فقراء لا عمائم لهم ولا أكمام طوال يتقون بها الحر، فمع وجود الاحتمال لم يتعين وجوب الكشف بدليل عدم إعماله في الأكف (٧).

الدليل الثاني: عَنِ ابْنِ عُمَرَ-رضي الله عنهما- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (إِذَا


(١) هو خباب بن الأرت بن جندلة بن سعد التميمي، مولى بني زهرة، كنيته أبو عبد الله، من السابقين الأولين له صحبة وشهد بدرًا وما بعدها، توفي بالكوفة سنة (٣٧) هـ، انظر: اجرح والتعديل (٣/ ٣٩٥)، الاستيعاب (٢/ ٤٣٨)، الإصابة (٢/ ٢٢١ - ٢٢٢).
(٢) الرمض: الحجارة الحامية من حر الشمس، العين (٧/ ٣٩)، المصباح المنير (١/ ٢٣٨).
(٣) أي لم يجبهم، ولم يزل شكواهم، انظر: النهاية (٢/ ٤٩٧)، لسان العرب (٢/ ٤٤٠).
(٤) رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب استحباب تقديم الظهر في أول الوقت في غير شدة الحر، (١/ ٤٣٢) (٦١٩).
(٥) رواه البيهقي في سننه، كتاب الصلاة، باب الكشف عن الجبهة في السجود، (٢/ ١٥١) (٢٦٥٧)، قال النووي في المجموع (٣/ ٤٢٢): "إسناده جيد"، وقال ابن الملقن في البدر المنير (٣/ ٦٤٩): "صحيح"، وقال ابن حجر في فتح الباري (٢/ ١٦): "حديث صحيح".
(٦) انظر: المعلم بفوائد مسلم (١/ ٤٣١)، المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي (٢/ ٢٤٧)، المجموع (٣/ ٤٢٣).
(٧) انظر: البناية (٢/ ٢٤٤)، المغني (١/ ٣٧٢)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٣/ ٥١٠).

<<  <   >  >>