للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْآخِرَةَ، فَلَمَّا سَلَّمَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ قَامَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - يُتِمُّ صَلَاتَهُ … (١).

وجه الدلالة من الحديث:

أتم النبي - صلى الله عليه وسلم - ما فاته من الصلاة بعد سلام عبد الرحمن بن عوف، وهو محمول على فراغه من التسليمة الثانية؛ لأن الإمام لو لم يأتي بها لم يكن خارجًا من صلاته بيقين (٢).

الدليل الثاني: المسبوق إذا قام قبل التسليمة الثانية بلا عذر يبيح المفارقة يعد تاركًا لركن وخارجًا من الائتمام الواجب في الفريضة، فيبطل الفرض بتلك المفارقة وتنقلب الصلاة نفلًا (٣).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- لا تبطل صلاة المسبوق إذا قام لقضاء ما فاته قبل التسليمة الثانية للإمام بلا عذر-بما يلي:

الدليل الأوّل: التسليمة الأولى هي الفرض الذي يخرج به الإمام من صلاته، وينقضي بها اقتداء المأموم، فإذا قام للقضاء بعد السلام الأول كانت صلاته تامة (٤).

الدليل الثاني: المسبوق قيامه حصل بعد فراغ الإمام من أركان الصلاة، لذا أجزأه لأنه أتى بما وجب عليه في أوانه (٥).

يمكن أن يناقش الاستدلالان: الواجب على المأموم متابعة الإمام في جميع أفعال الصلاة حتى يتمها بأركانها وواجباتها وسننها، وتمامها بالتسليمة الثانية، والمسبوق إذا قام للقضاء قبل التسليمة الثانية يعد مفارقًا لإمامه بلا عذر.


(١) رواه مسلم في كتاب الصلاة، باب تقديم الجماعة من يصلي بهم إذا تأخر الإمام ولم يخافوا مفسدة بالتقديم (١/ ٣١٧) (٢٧٤).
(٢) انظر: فتح الباري، ابن رجب (٥/ ٤١١).
(٣) انظر: كشاف القناع (١/ ٤٦١)، مطالب أولي النهى (١/ ٦٢٢).
(٤) انظر: مواهب الجليل (١/ ٥٣١)، النفح الشذي (٣/ ٥٤٧)، مغني المحتاج (١/ ٣٩٥).
(٥) انظر: بدائع الصنائع (١/ ١٧٧)، المحيط البرهاني (٢/ ٢١٢).

<<  <   >  >>