للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الرابع: سجود السهو شرع لجبران الصلاة؛ فوجب أن يكون محله فيها وذلك يقتضي فعله قبل السلام (١).

نوقش من وجهين:

أ. قد يستقيم هذا الاستدلال إذا كان سبب السجود النقص في الصلاة، أما إذا كان سببه الزيادة فيها؛ فلو قُدر أن محله قبل السلام لاقتضى ذلك زيادتين في الصلاة وهذا لا يجوز (٢).

ب. لا يسلم بأن جبر الشيء لا يكون إلا فيه ولا يصح خارجه، فإن هدي الحج والصيام جبر لما نقص في الحج وهما يؤديان بعد الخروج عنه (٣).

واستدلَّ أصحاب القول الرابع القائل- محل سجود السهو إن كان لنقص فهو قبل السلام، وإن كان لزيادة فهو بعد السلام-بما يلي:

الدليل الأوّل: عن عَبْدَ اللَّهِ ابْنَ بُحَيْنَةَ - رضي الله عنه - (أَنَّه - صلى الله عليه وسلم - صَلَّى بِهِمُ الظَّهْرَ، فَقَامَ فِي الرَّكْعَتَيْنِ الأُولَيَيْنِ لَمْ يَجْلِسْ، فَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ حَتَّى إِذَا قَضَى الصَّلَاةَ وَانْتَظَرَ النَّاسُ تَسْلِيمَهُ كَبَّرَ وَهُوَ جَالِسٌ، فَسَجَدَ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ، ثُمَّ سَلَّمَ) (٤).

الدليل الثاني: عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: صَلَّى لَنَا رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - صَلَاةَ الْعَصْرِ، فَسَلَّمَ فِي رَكْعَتَيْنِ، فَقَامَ ذُو الْيَدَيْنِ فَقَالَ: أَقُصِرَتِ الصَّلَاةُ يَا رَسُولَ اللهِ أَمْ نَسِيتَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ) فَقَالَ: قَدْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ، يَا رَسُولَ اللهِ فَأَقْبَلَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عَلَى النَّاسِ فَقَالَ: (أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟)


(١) انظر: الحاوي (٢/ ٢١٥)، البيان، للعمراني (٢/ ٣٤٧).
(٢) انظر: الإشراف (١/ ٢٧٦).
(٣) انظر: المحلى (٣/ ٨٥).
(٤) تقدم تخريجه ص ٢٨٠.

<<  <   >  >>