للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ما لم تؤثر وتغير، فمن باب أولى النجاسة التي لا يدركها الطرف (١).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل- لا يعفى عن يسير النجاسة مما لا يدركه الطَّرْف - بما يلي:

الدليل الأوّل: قال الله تعالى: {وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (٤)} (٢).

وجه الدلالة من الآية:

الأمر بالتطهير في الآية ورد عام، لم يخص نجاسة دون أخرى (٣).

يمكن أن يناقش:

هذا العموم تخصصه أدلة رفع الحرج والمشقة.

الدليل الثاني: عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: (إذا توضأ أحدكم فليجعل في أنفه، ثم لينثر، ومن استجمر فليوتر، وإذا استيقظ أحدكم من نومه فليغسل يده قبل أن يدخلها في وضوئه، فإن أحدكم لا يدري أين باتت يده) (٤).

وجه الدلالة من الحديث:

في الحديث أمر بغسل اليد قبل إدخالها في الإناء مع أن النجاسة محتملة، فدل ذلك على تأثيرها ولو مع قلتها والاحتمال، ولو لم يكن ثمت تأثير لما كان للأمر معنى (٥).

نوقش: بأن الأمر في الحديث إنما كان على سبيل الاحتياط والاستحباب (٦).


(١) التنوير (٣/ ٥٢٥).
(٢) سورة المدثر، آية (٤).
(٣) انظر: كشاف القناع (١/ ١٩٠).
(٤) رواه البخاري في كتاب الوضوء، باب الاستجمار وترًا (١/ ٤٣/ ١٦٢)، ومسلم في كتاب الطهارة، باب كراهة غمس المتوضئ وغيره يده المشكوك في نجاستها في الإناء قبل غسلها ثلاثا (١/ ٢٣٣/ ٢٧٨) واللفظ للبخاري.
(٥) شرح التلقين (١/ ٢١٩)، العزيز (١/ ٤٣)، إحكام الإحكام لابن دقيق العيد (١/ ٧٠)، إرشاد الساري (١/ ٣٠٤).
(٦) انظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (١/ ٢٥٣)، شرح العمدة لابن تيمية (١/ ١٧٦).

<<  <   >  >>