للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ العَوَالِي (١) فَلْيَنْتَظِرْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ» (٢).

وجه الدلالة من الحديث:

خير عثمان - رضي الله عنه - أهل العوالي؛ لأنها أبعد قرى المدينة، ويدل إذنه لهم بالرجوع قبل صلاة الجمعة على أنها لا تلزمهم (٣).

نوقش ليس في الخبر دلالة على عدم وجوب الجمعة على من كان خارج المصر، لأنه لو لم تجب عليهم لما خيرهم، والتخيير كان بسبب اجتماع العيد والجمعة في يوم واحد، وأهل القرى لو قعدوا في البلد لم يتهيؤوا للعيد، ولو خرجوا لشق عليهم الرجوع (٤).

الدليل الثاني: عن علي - رضي الله عنه - قال: "لا جمعة ولا تشريق إلا في مصر جامع" (٥).

وجه الدلالة من الحديث:

دل ظاهر الحديث على أن الجمعة لا تلزم إلا من سكن المصر، لأنها إذا لم تصح في غير المصر فإنها لا تجب على غير أهله (٦).

نوقش:

الحديث موقوف على علي - رضي الله عنه -، ولو صح مرفوعًا لحمل على من لم يسمع


(١) قرية في المدينة من جهة الشرق، انظر: المجموع (٤/ ٤٩١).
(٢) رواه البخاري في كتاب الأضاحي، باب ما يؤكل من لحوم الأضاحي وما يتزود منها (٧/ ١٠٣) (٥٥٧٢).
(٣) انظر: المعتصر (١/ ٩٠)، البناية (٣/ ٩٧).
(٤) شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٢/ ٤٩٥)، المهذب، الشيرازي (١/ ٢٠٦)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٥/ ١٦٣).
(٥) رواه عبد الرزاق في المصنف، كتاب العيدين، باب صلاة العيدين في القرى الصغار (٣/ ٣٠١) (٥٧١٩). قال النووي في المجموع (٤/ ٤٨٨): "ضعيف جدا "، وذكر الزيلعي في نصب الراية (٢/ ١٩٥): "غريب مرفوعا، وإنما وجدناه موقوفا على علي"، وقال ابن حجر في فتح الباري (٢/ ٤٥٧): "أخرجه أبو عبيد بإسناد صحيح إليه موقوفا ومعناه لا صلاة جمعة ولا صلاة عيد".
(٦) انظر: المبسوط، للسرخسي (٢/ ٢٣)، البحر الرائق (٢/ ١٥١).

<<  <   >  >>