للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

- بِالْحُدَيْبِيَةِ وَرَأْسِي يَتَهَافَتُ قَمْلًا، فَقَالَ: (يُؤْذِيكَ هَوَامُّ (١) رَأْسِكَ؟) قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: (احْلِقْ رَأْسَكَ … فَصُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ تَصَدَّقْ … ) (٢).

وجهُ الدَّلالة من الحديث:

في ترك كعب - رضي الله عنه - للقمل حتى تناثر من رأسه، وإيجاب الفدية عليه، دليل على منع المحرم من قتل القمل أو إزالته بأي صورة، إذ لو كان مباحًا لما تركه، أو لأمره النبي -صلى الله عليه وسلم- بإزالته خصوصًا (٣).

نوقِشَ: دلالة الحديث ظاهرة في جواز إزالة كل ما يُتأذى منه، وإيجاب الفدية إنما كان من أجل حلق الرأس؛ لأن تناثر القمل عليه كان من شعث الإحرام، فلو كان محرِمًا لما أذن له (٤).

الدليل الثاني: في قتل المحرم للقمل وإزالته عنه معنى الترفُّه، وهو ممنوع منه (٥).

يمكن أن يناقَش: تقرَّر بالقواعد الشرعية أن "الضرر يزال" (٦) فكما أن على المكلف إزالة الضرر الواقع على غيره؛ فعليه إزالة الضرر الواقع على نفسه.


(١) الهوامّ جمع هامّة، وهي ما يدبّ على الأرض من الخشاش كالعقارب ونحوها، والمراد ما يلازم جسد الإنسان إذا طال عهده بالتنظيف. انظر: لسان العرب (١٢/ ٦٢١)، فتح الباري، لابن حجر (٤/ ١٤).
(٢) رواه البخاري، كتاب الحج، باب: الإطعام في قول الله تعالى: {أَوْ صَدَقَةٍ}، (٣/ ١٠) (١٨١٥)، ومسلم، كتاب الحج، باب جواز حلق الرأس للمحرم إذا كان به أذى، ووجوب الفدية لحلقه، وبيان قدرها، (٢/ ٨٥٩) (١٢٠١).
(٣) انظر: المنتقى، للباجي (٢/ ٢٦٤)، المسالك في شرح موطأ مالك (٤/ ٣٨٠)، المغني (٣/ ٢٧٨)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (٨/ ٣١٠).
(٤) انظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (٩/ ٤٠٣)، التوضيح، لابن الملقن (١/ ٢٣٨)، شرح النووي على مسلم (٨/ ١٢١)، فتح الباري، لابن حجر (٤/ ١٤).
(٥) انظر: شرح مختصر الطحاوي (٢/ ٥٦٧)، المحيط البرهاني (٢/ ٤٤٠)، المغني (٣/ ٢٧٨).
(٦) انظر: الأشباه والنظائر، لابن نجيم (١/ ٧٢).

<<  <   >  >>