للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الضمان (١).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل - يضمن الدالُّ الصيدَ مطلقًا - بما يلي:

الدليل الأوّل: عن أبي قتادة - رضي الله عنه - قال: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- حَاجًّا، وَخَرَجْنَا مَعَهُ، … فَأَحْرَمُوا كُلُّهُمْ، إِلَّا أَبَا قَتَادَةَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحْرِمْ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِذْ رَأَوْا حُمُرَ وَحْشٍ، فَحَمَلَ عَلَيْهَا أَبُو قَتَادَةَ، فَقَتَلَ مِنْهَا أَتَانًا، فَنَزَلُوا فَأَكَلُوا مِنْ لَحْمِهَا، فَقَالُوا: أَكَلْنَا لَحْمًا وَنَحْنُ مُحْرِمُونَ، فسألوا رَسُولَ اللهِ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا كُنَّا أَحْرَمْنَا فَعَقَرَ أَبُو قَتَادَةَ أَتَانًا، فَنَزَلْنَا فَأَكَلْنَا مِنْ لَحْمِهَا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (هَلْ مِنْكُمْ أَحَدٌ أَمَرَهُ أَوْ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيْءٍ؟) قَالُوا: لَا، قَالَ: (فَكُلُوا مَا بَقِيَ مِنْ لَحْمِهَا) (٢).

وجهُ الدَّلالة من الحديث:

ثبت بسؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الدلالة على الصيد والإشارة إليه كالإعانة، وهي من محظورات الإحرام فتوجب على الدالِّ الجزاءَ (٣).

نوقِشَ: الحديث لا حجة فيه على وجوب الجزاء؛ لأنهم سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن حكم أكله لا عن جزائه (٤).

الدليل الثاني: الدلالة على الصيد في معنى القتل؛ لأن فيها إتلاف للصيد، إذ هو أمن باختفائه وتواريه، والدلالة تفوت عليه ذلك الأمن (٥).

نوقِشَ: الدلالة ليست القتل ولا في معناه، لأنها ليست يدًا ولا مباشرة ولا سببًا، فلو كانت سببًا لوجب الضمان بها إذا انفردت، وعلى فرض أنها سبب: فقد انقطعت بمباشرة المدلول، وإذا


(١) انظر: المعونة (٥٣٨).
(٢) رواه مسلم، كتاب الحج، باب تحريم الصيد للمحرم (٢/ ٨٥٣) (١١٩٦).
(٣) انظر: المبسوط، للسرخسي (٤/ ٨٠)، العناية (٣/ ٦٩ - ٧٠)، إكمال المعلم (٤/ ٢٠٢).
(٤) انظر: الحاوي (٤/ ٣٠٧).
(٥) انظر: تبيين الحقائق (٢/ ٦٣).

<<  <   >  >>