للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الدليل الثاني: تأخير صيام الثلاثة أيام لما بعد أيام النحر يعتبر تأخيرًا للواجب إلى وقت يجوز فعله فيه، كما لو أخَّرَ الوقوف إلى الليل لا يلزم به شيء مطلقًا (١).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل - يجب على من أخَّرَ صيام الثلاثة أيام التي في الحج دمٌ سواء كان تأخيره لعذر أو لغير عذر- بما يلي:

الدليل الأوّل: قياس تأخير المتمتع للصيام على تأخير رمي الجمار، بجامع أن الكل نُسُكٌ تأخر أداؤه عن وقته، فوجب به الدمُ (٢).

نوقِشَ: صيام الثلاثة أيام في الحج يَسقط به الهديُ الواجب، فلا يمنع من فعله بعد خروج وقته اعتبارًا بالأصل وهو الهدي؛ لأنه لو أُخِّرَ عن وقته للزم نحرُه حتى بعد خروج وقته (٣).

الدليل الثاني: أمر الله - عزَّ وجل - بالهدي مطلقًا، وأمر بالصوم عند عدم الهدي مقيّدًا بوقت، فإذا فات وقت الصوم وجب أن يرجع إلى الأصل وهو الهدي المطلق (٤).

نوقِشَ من وجهين (٥):

أ. عُلِّقَ الصيام بشرط عدم الهدي، فإذا أخَّرَ المتمتع الصيام عن وقته، لم يزل شرطه وهو عدم الهدي، وإنما زال الوقت الذي عُلِّقَ الوجوبُ به، وذلك لا يمنع من قضائه بعد فوات وقته، ويدل عليه صوم الظهار شرط أدائه قبل المسيس، ولو وقع المسيس قبل الصيام لم يسقط الواجب.

ب. الصوم بدل عن الهدي، فإذا فات الصوم وجب قضاؤه بصوم وليس بالهدي، لئلا يؤدي إلى كون المبدل بدلًا، لعدم جوازه.


(١) انظر: المبدع (٣/ ١٦١)، شرح الزركشي (٣/ ٣١٠).
(٢) انظر: الكافي، لابن قدامة (١/ ٤٨٢)، شرح الزركشي (٣/ ٣١٠).
(٣) انظر: شرح الرسالة (٢/ ٣٠٧).
(٤) انظر: المحيط البرهاني (٢/ ٤٦٩)، البناية (٤/ ٢٩٧)، البيان، للعمراني (٤/ ٩٥).
(٥) انظر: شرح الرسالة (٢/ ٣٠٦ - ٣٠٧)، التعليقة، لأبي يعلى (٢/ ٢٩٠ - ٢٩١).

<<  <   >  >>