للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْهَدْيِ) (١).

الدليل الثاني: عن هَبَّارَ بْنَ الْأَسْوَدِ (٢)، أنه جَاءَ يَوْمَ النَّحْرِ، وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَنْحَرُ هَدْيَهُ. فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْطَأْنَا الْعِدَّةَ. كُنَّا نَرَى أَنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عَرَفَةَ، فَقَالَ عُمَرُ: (اذْهَبْ إِلَى مَكَّةَ، فَطُفْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ. وَانْحَرُوا هَدْيًا إِنْ كَانَ مَعَكُمْ. ثُمَّ احْلِقُوا أَوْ قَصِّرُوا وَارْجِعُوا. فَإِذَا كَانَ عَامٌ قَابِلٌ فَحُجُّوا وَأَهْدُوا. فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعَ) (٣).

الدليل الثالث: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ لَمْ يُدْرِكْ فَعَلَيْهِ دَمٌ، وَلْيَجْعَلْها عُمْرَةً، وَلْيَحُجَّ مِنْ قابِلٍ) (٤).

وجهُ الدَّلالة من الأحاديث:

بيّنت الأحاديث أحكام فوات الحج، ومن جملتها وجوب الدم على من فاته الحج، والدلالة صريحة في أن المراد به هديُ الفوات، لأن هديَ النُّسُك لو وجب لا يصرف وجوبه إلى وجوب


(١) رواه مالك في الموطأ (١/ ٣٨٣) (١٥٣)، والشافعي في المسند، كتاب الحج، باب أحكام المحصر (٢/ ٢٧٠) (٩٩٤)، قال ابن الملقن في البدر (٦/ ٤٢٨): "وهذا الأثر صحيح رواه مالك في «الموطأ» ثم الشافعي ثم البيهقي بإسناد صحيح، قال الرافعي: واشتهر ذلك في الصحابة ولم ينكره منكر"، وقال ابن حجر في الدراية (٢/ ٤٦): "أخرجه مالك بإسناد صحيح، إلّا أنه اختلف فيه على سليمان بن يسار، هل هو عن أبي أيوب أو عن هبار بن الأسود؟ ".
(٢) هو هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد القرشي، وهو الذي عرض لزينب بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في سفهاء من قريش، حين بعث بها أبو العاص زوجها إلى المدينة، فأهوى إليها هبار ثم أسلم بعد الفتح وحسن إسلامه وصحب النبي -صلى الله عليه وسلم-، انظر: الاستيعاب (٤/ ١٥٣٦)، الإصابة (٦/ ٤١١ وما بعدها).
(٣) رواه مالك في الموطأ، كتاب الحج، باب هدي من فاته الحج (١/ ٣٨٣) (١٥٤)، والبيهقي في السنن الكبرى، باب ما يفعل من فاته الحج (٥/ ٢٨٥) (٩٨٢٥). قال النووي في المجموع (٨/ ٢٩١): "إسناده صحيح"، وقال ابن الملقن في البدر (٦/ ٤٢٨ - ٤٢٩): "وهذا الأثر صحيح رواه مالك في «الموطأ» بإسناده الصحيح عن سليمان بن يسار"، وقال: "قال البيهقي: هذه الرواية وما قبلها عن الأسود عن عمر متصلتان، ورواية سليمان بن يسار عنه منقطعة".
(٤) رواه ابن أبي شيبة في المصنف، كتاب الحج في الرجل إذا فاته الحج ما يكون عليه (٣/ ٢٢٧) (١٣٦٨٥)، وبنحوه روى الدارقطني في السنن، كتاب الحج، باب المواقيت (٣/ ٢٦٣) (٢٥١٨)، قال ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (٣/ ٨١): "هذا مرسل وضعيف الإسناد، وذلك أنه من رواية ابن أبي ليلى عن عطاء"، وقال ابن تيمية في شرح العمدة (٢/ ٦٥٩): "وهذا وإن كان مرسلا من مراسيل عطاء، فهو أعلم التابعين بالمناسك، وهذا المرسل معه أقوال الصحابة"، وقال ابن حجر في الدراية (٢/ ٤٦): "أخرجه ابن أبي شيبة وهو مرسل وفي إسناده ضعف".

<<  <   >  >>