للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - واختلفوا في قبول الجزية ممن تهوَّدَ أو تنصَّرَ بعد البعثة، سواء كان ذلك قبل تبديل دينهم أو بعده، على قولين:

القول الأوّل:

تُقبَل الجزيةُ ممن تهوَّدَ أو تنصَّرَ بعد البعثة، لا فرقَ بين ما قبل التبديل وبعده، وهو مذهب الحنفية (١)، والمالكية (٢)، والحنابلة (٣)، وقول للشافعية (٤).

القول الثاني:

لا تُقبَل الجزيةُ ممن تهوَّدَ أو تنصَّرَ بعد البعثة، لا فرقَ بين ما قبل التبديل وبعده، وهو مذهب الشافعية (٥)، وقول للمالكية (٦)، والحنابلة (٧).

استدلَّ أصحاب القول الأوّل القائل - تُقبَل الجزيةُ ممن تهوَّدَ أو تنصَّرَ بعد البعثة، لا فرقَ بين ما قبل التبديل وبعده - بما يلي:

الدليل الأوّل: قال الله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (٨).

وجهُ الدَّلالة من الآية:

بيَّنت الآية الكريمة حكم أخذ الجزية من أهل الكتاب دون تخصيص أو شرط أو استثناء، فدلَّ ذلك على قبولها ممن تهوَّدَ أو تنصَّرَ مطلقًا؛ ويؤكد ذلك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يأخذها من غير


(١) انظر: التجريد، للقدوري (٩/ ٤٥٥٧).
(٢) انظر: التفريع (١/ ٢٥٨)، عقد الجواهر (٢/ ٤٤٢)، شرح مختصر خليل، للخرشي (٨/ ٦٩)، الشرح الكبير وحاشية الدسوقي (٤/ ٣٠٨).
(٣) انظر: الفروع (١٠/ ٣٢٢)، المبدع (٣/ ٣٦٥)، الإنصاف (١٠/ ٤٠٣).
(٤) انظر: الحاوي (١٤/ ٣٧٥)، المهذب، للشيرازي (٣/ ٣٠٦)، التهذيب، للبغوي (٥/ ٣٨١).
(٥) انظر: الحاوي (١٤/ ٣٧٥)، بحر المذهب (١٣/ ٤٢٣)، روضة الطالبين (٧/ ١٤٠).
(٦) انظر: عقد الجواهر (٢/ ٤٤٢)، الذخيرة (٤/ ٣٣٦)، التوضيح، للجندي (٤/ ٧٨).
(٧) انظر: الأحكام السلطانية، لأبي يعلى (١/ ١٥٤)، الهداية، للكلوذاني (١/ ٢٢٢)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (١٠/ ٤٠٣).
(٨) سورة التوبة، الآية (٢٩).

<<  <   >  >>