للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سؤال؛ فلو كان حكم المتهود والمتنصر مختلف لسأل عنه، ولو سأل لنُقل إلينا، ولم يُنقَل (١).

الدليل الثاني: الكفر كله مِلّةٌ واحدة؛ وإن اختلفت فرقه ومذاهبه، والمنتقل من دين إلى دين يجعله من أهل الدين الذي انتقل إليه، فتُقبَل منه الجزيةُ كغيره (٢).

الدليل الثالث: تهوُّدُ النصرانيِّ وتنصُّرُ اليهوديِّ، إنما هو انتقال إلى دين، لو كان عليه ابتداءً أُقِرَّ عليه وقُبِلَت منه الجزيةُ، فلزم قبولها منه بعد تحوله لأحدهما، لأنه لم يخرج عن كونه كتابيًّا فيعامل معاملتهم لاستوائهما في التقرير وقبول الجزية (٣).

واستدلَّ أصحاب القول الثاني القائل - لا تُقبَل الجزيةُ ممن تهوَّدَ أو تنصَّرَ بعد البعثة، لا فرقَ بين ما قبل التبديل وبعده - بما يلي:

الدليل الأوّل: قال الله تعالى: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ} (٤).

الدليل الثاني: قال رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: (مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ) (٥).

وجهُ الدَّلالة:

دلَّ عموم النصوص على أن كل من بدّل دينه يُقتَل ولا يُقرُّ على ذلك ولا تُقبَل منه الجزية، ولفظ (من) من صيغ العموم (٦)؛ يشمل كل مبدل ويدخل في ذلك اليهودي إن تنصَّرَ أو النصراني إن تهوَّدَ (٧).


(١) انظر: الشرح الكبير، لأبي الفرج (١٠/ ٤٠٤)، المبدع (٣/ ٣٦٥).
(٢) انظر: التجريد، للقدوري (٩/ ٤٥٥٨)، الذخيرة (٤/ ٣٣٦)، شرح مختصر خليل، للخرشي (٨/ ٦٩)، الحاوي (١٤/ ٣٧٥)، الشرح الكبير، لأبي الفرج (١٠/ ٤٠٤).
(٣) انظر: التجريد، للقدوري، (٩/ ٤٥٥٩)، مغني المحتاج (٤/ ٣١٧).
(٤) سورة آل عمران، الآية (٥٨).
(٥) رواه البخاري في كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب حكم المرتد والمرتدة واستتابتهم، (٩/ ١٥)، (٦٩٢٢).
(٦) روضة الناظر (٢/ ١٢).
(٧) انظر: القبس في شرح موطأ مالك (١/ ٩٠٩)، عمدة القاري (٢/ ٢٦٤).

<<  <   >  >>