للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الحكم باختلاف القدر المتبقي من الماء لبينه - صلى الله عليه وسلم - (١).

نوقش:

هذا الحديث محكوم بضعفه، ولو سُلِّم فإن الحياض غالبًا ما تكون كثيرة الماء، فلا يحصل تنجسها بالولوغ، ولو كانت قليلة وولغ فيها كلب، فغاية ما ينتهي إليه الحكم هو الشك في تنجسها به، والشك لا يوجب التنجيس (٢).

الدليل الخامس: عن عبد الله بن عمر - رضي الله عنهم - قَالَ: (كَانَتِ الكِلَابُ تَبُولُ، وَتُقْبِلُ وَتُدْبِرُ فِي المَسْجِدِ، فِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمْ يَكُونُوا يَرُشُّونَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) (٣).

وجه الدلالة من الحديث:

نفي الرش في الحديث أبلغ من نفي الغسل، ولفظ شيئًا نكرة دلت على العموم (٤)، وهذا كله للمبالغة في طهارة سؤره إذ الغالب أن لعابه يصل إلى بعض أجزاء المسجد، والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر ذلك ولم يأمر بغسله، فعلم أنه طاهر (٥).

نوقش: لا دلالة في الحديث على ما ذُكر؛ لأن طهارة المسجد متيقنة، والنجاسة مشكوك فيها، واليقين لا يزول بالظن فضلًا عن الشك.

ولو سُلِّم بدلالة الحديث على عموم طهارة الكلب، فلا تعارض بين دلالته ودلالة الحديث الصريح بإيجاب الغسل سبعًا من ولوغ الكلب، ثم إن القول بطهارة لعاب الكلب يلزم منه القول بطهارة بوله، لأن الغالب أنه يقع منه في المسجد، ولا قائل بذلك، فعلم أن الحديث متروك الظاهر


(١) عيون الأدلة (٢/ ٧٣٧، ٧٣٨).
(٢) انظر: الحاوي (١/ ٣٠٥).
(٣) رواه البخاري في كتاب الوضوء، باب الماء الذي يغسل به شعر الإنسان (١/ ٤٥) (١٧٤).
(٤) انظر: المستصفى، للغزالي (١/ ٢٢٥)، الإحكام، للآمدي (٢/ ١٩٧)، التقرير والتحبير، لابن أمير حاج (١/ ١٨٧).
(٥) الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري، للكرماني (٣/ ١١).

<<  <   >  >>