للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الجهر بالدعوة]

ثم إن الله أمر رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يصدع (١) بما جاء منه، وكان ذلك بعد ثلاث سنين من النبوة، فبينا سعد بن أبي وقاص في نفر يصلون في شعب من شعاب مكة، إذ ظهر عليهم نفر من المشركين وهم يصلون، فعابوا عليهم ما يصنعون حتى قاتلوهم، فضرب سعد يومئذ رجلا بلحي بعير فشجّه، فكان أول دم هريق في الإسلام (٢).

فلما بادى النبي صلى الله عليه وسلم قومه بالإسلام، لم يبعد منه قومه، ولم يردّوا عليه حتى ذكر آلهتهم وعابها.

قال العتقي: وكان ذلك في سنة أربع (٣).

فلما فعل أجمعوا على خلافه وعداوته إلا من عصم الله.

وحدب عليه أبو طالب، فحقب الأمر وتنابذ القوم، وبادى بعضهم بعضا، وتذامرت قريش على من أسلم منهم، يعذّبونهم، ويفتنونهم عن


(١) يصدع: مأخوذ من قوله تعالى: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ [الحجر:٩٤]، وشرحها ابن هشام ١/ ٢٦٣ فقال: اصدع، افرق بين الحق والباطل. ووافقه في الروض ٢/ ٦. والصّدع في اللغة: الشقّ في شيء صلب.
(٢) انظر السيرة ١/ ٢٦٣، وأوائل العسكري ١٤٦ - ١٤٧ حيث أخرجه من غير طريق ابن إسحاق. ولحي البعير: عظمه الذي على الخد، ومن الإنسان: العظم الذي تنبت عليه اللحية (الخشني).
(٣) ذكره عن العتقي أيضا: الصالحي ٢/ ٤٣٦.

<<  <   >  >>