ومكث عليه الصلاة والسلام ثلاث سنين من أول نبوته مستخفيا، ثم أعلن في الرابعة.
فدعا الناس إلى الإسلام عشر سنين، يوافي المواسم كل عام، يتتبع الحاجّ في منازلهم بعكاظ ومجنّة وذي المجاز (١)، يدعوهم إلى أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه، فلا يجد أحدا ينصره ولا يجيبه، حتى إنه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة، فيردّون عليه أقبح رد، ويؤذونه، ويقولون: قومك أعلم بك.
فكان من سمّي لنا من تلك القبائل: بنو عامر بن صعصعة،
(١) الثلاثة: أسماء لمواضع كانت تقوم فيها أسواق للعرب في الجاهلية زمن موسم الحج. أما عكاظ-وهو أكبرها وأعظمها-فموضع بين مكة والطائف، أقرب إلى الثاني، بينه وبين نخلة، وراء قرن المنازل. وأما مجنّة-وتكسر الجيم-فأسفل مكة بمر الظهران. وذو المجاز: قرب عرفة، عن يمين الموقف. وقالوا: تقام سوق عكاظ أول ذي القعدة إلى عشرين منه، وبعدها مجنة، عشرة أيام إلى آخره، وأما ذو المجاز فثمانية أيام من أول ذي الحجة، يعرّفون بعدها في اليوم التاسع. وقيل غير ذلك. انظر في ذلك: أخبار مكة للأزرقي، والمحبر، ومعجم البلدان، وشفاء الغرام للفاسي، وبلوغ الأرب للآلوسي.