للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن أبي عثمان (٣١) قال: سمعت أبي يقول: مررت بسقيفة العراقي وهم يتناظرون في الاعتزال، فوقفت أسمع منهم مناظرتهم، فبلغ ذلك البهلول. فلما جئته قال: «يا محمد، بلغني أنك مررت بسقيفة العراقي فوقفت إليهم تسمع إلى مثل هذا، فلا تقربني».وأغلظ‍ عليّ.

قال سحنون (٣٢): ولقد أتيت يوما إلى البهلول فوافاني رجل من أهل الأهواء على بابه، وسألني عن الشيخ، فما رددت عليه جوابا، والشيخ يسمع ذلك، فلما دخلت على الشيخ سلّمت عليه، فلم يرد عليّ السلام، وأعرض عني، فلما خرج الناس من عنده تقدّمت إليه، فجثوت على ركبتيّ بين يديه، فقلت له: «ما خبري وما قصتي؟ » فقال: «يسلّم عليك رجل من أهل الأهواء ويسألك عني! » فقلت له:

«والله ما رددت عليه جوابا» قال، فقام (٣٣) لي عند ذلك وقال لي: «مرحبا وأهلا»، وسلم عليّ وقال لي: «إن هذا الذي أمرتك به تعرف به الحق من الباطل».

وقال بعض أصحابه: كنت يوما جالسا عنده ومعه رجل عليه لباس حسن وهيئة، فقال له البهلول: «أحب أن تذكر لي ما تحتج به القدرية».فسكت [الرجل] (٣٤) حتى تفرق الناس ثم قال له: «يا أبا عمرو؛ إنك سألتني عما تحتج به القدرية، وهو كلام تصحبه الشياطين، لأنه سلاح من سلاحهم، فتزينه في قلوب العامة، وفي مجلسك من لا يفهم ما أتكلم به من ذلك، فلا آمن أن يحلو بقلبه منه شيء، فيقول: سمعت هذا الكلام في مجلس البهلول».فقال له: «والله لأقبلنّ رأسك، أحييتني أحياك الله».

سعدون بن أبان (٣٥)، عن دحيون، قال: كنت بالمدينة فإذا برجل يسأل ويقول: «أها هنا أحد من أهل إفريقية؟ » فقلت له: «أنا! » فقال: «من أهل القيروان؟ » قلت: «نعم» قال: «أتعرف البهلول [بن راشد] (٣٦)؟ » قلت: «نعم»، قال: فدفع إليّ كتابا وقال: «أوصله إليه».فدفعت إليه الكتاب، ففضه فإذا فيه:


(٣١) الخبر في الطبقات ص ٥٤ وأبو عثمان هو ابن الحداد.
(٣٢) الخبر في المدارك ٩٧: ٣.
(٣٣) في الأصل: فقال.
(٣٤) زيادة للايضاح.
(٣٥) الخبر بهذا الإسناد في الطبقات ٥٤ والمعالم ٢٦٧: ١ وباختصار وتصرف في المدارك ٨٩: ٣.
(٣٦) ما بين المعقفين زيادة من الطبقات.