للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عن أبي عثمان (٥٤) /قال: أتى هرثمة بن أعين، وهو والي إفريقية، إلى البهلول برجاله وألويته. وكان في مسجده مستندا إلى عمود، فمال هرثمة عن السرج لينزل، فلما رآه لم يرفع رأسه إليه ولم ينهض إلى القيام، رجع إلى سرجه وقال لبعض أعوانه:

«ادفع هذا المزود (٥٥) الدراهم إليه، وقل له: يأمرك الأمير أن تفرقه، فقال له البهلول: «قل له أنت أعرف بموضعه مني» وأبى أن يقبله.

عبد الله بن سعيد الحداد، عن أبيه عن جده، قال (٥٦): كان لقوم من النخّاسين (٥٧) على بهلول عشرون دينارا، وكان لبهلول مع دحيون عشرون مثلها، فوقف ببهلول سائل، فقال لدحيون: «ادفع إليه دينارا من العشرين»، ثم أقبل إلى بهلول أصحاب العشرين، فقال لهم بهلول: «حضر منها تسعة عشر دينارا» ثم قال لدحيون: «عدّها عليهم»، فعدّها، فأصاب عشرين دينارا، فقال لبهلول: «أراها عشرين! » فقال له بهلول: «لا إله إلا الله! أراك لا تحسن العدد (٥٨)»، وإنما قال هذا مخافة أن يظهر الله تعالى عليه هذا الأمر.

ومما يسند هذه الحكاية (٥٩): أن عامر بن [عبد] (٦٠) قيس كان يأخذ عطاءه فيجعله في ردائه، فلا يلقى أحدا من المساكين فيسأله إلا أعطاه، فإذا دخل على أهله رمى به إليهم، فيعدّونه، فيجدونه سواء كما أعطيه (٦١).


(٥٤) الخبر في الطبقات ص ٦٠ والمدارك ٩٥: ٣ والمعالم ٢٧٠: ١.ونلاحظ‍ أن نصّ الرياض منقول بشيء من التصرف عن طبقات أبي العرب، وعن المالكي أخذه ابن ناجي. ونقله صاحب المدارك عن الطبقات-فيما نرجح-بتصرّف محلّ.
(٥٥) ينظر كلام دوزي (ملحق القواميس ٦١١: ١ - ٦١٢) في تعريف المزود وأنواعه.
(٥٦) الخبر في الطبقات ص ٥٦ والمدارك ٩٣: ٣ والمعالم ٢٧٠: ١ - ٢٧١،
(٥٧) في الأصل: بحاء مهملة. وأخذنا بما في (م) وبقية المصادر.
(٥٨) كذا في الأصول والمدارك. وفي الطبقات: تعدها. وفي المعالم العدّ.
(٥٩) تراجع الحكاية في ترجمته في الطبقات الكبرى ١٠٣: ٧.
(٦٠) زيادة من مصادر ترجمته، وهو عامر بن عبد الله بن عبد قيس العنبري التميمي، تابعي وعدّه بعضهم في الصحابة: مشهور بالعبادة والزهد. توفي في خلافة معاوية. ينظر: الطبقات الكبرى ١٠٣: ٧ - ١١٢، طبقات خليفة بن خياط‍ ص ١٩٤.
(٦١) جاء في الأصول في أول النصّ بصيغة التذكير: فيجعله ... ثم انتقل إلى التأنيث: رمى بها ... فيعدونها، فيجدونها ... كما أعطيها. وقد أصلحنا النصّ اتباعا لما جاء في رواية طبقات ابن سعد والمعالم.