للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ابن الحداد قال (٦٢): «حدثتني أمي عن غزيل سرية البهلول قالت: أقمت مع البهلول ثلاثين سنة فما رأيته نزع ثوبه عن جسده قط‍، ولا رأيته مصلّيا نافلة قط‍.كان يأتيني فيرقدني كما ترقد الأم ابنتها، ثم يدخل المرحاض، فيتهيأ للصلاة، ثم يصعد إلى غرفته (٦٣) فيغلقها بيني وبينه، فما كنت أدري أحيّ هو أو ميت؛ غير أني كنت أسمع سقطته من آخر الليل، فأظن أنه استثقل نوما فسقط‍».

حدث بعض مشايخنا قال (٦٤): دخل معتّب (٦٥) بن رباح على البهلول في مسجده فقال له البهلول: «يا أبا أحمد، ما جاء بك؟ » فقال: «يا أبا عمرو، قد عزمت العام على الخروج إلى الحج» فقال له: «يا أبا أحمد، أما كنت حججت؟ » فقال:

«نعم، قد حججت، ولكني اشتقت إلى بيت الله الحرام وإلى قبر النبي عليه الصلاة والسلام»، فقال له البهلول: «فكم هيّأت لخروجك؟ » فقال: «مائة دينار» فقال له البهلول: «فهل لك أن تأتيني بها، فأصرفها في مواضع، وأضمن لك على الله عزّ وجلّ عشر حجج مقبولة؟ » فقام معتّب (٦٥) سريعا فأتى بالصرة، فأفرغها البهلول تحت جلد كان قاعدا عليه، وقعد معتّب (٦٥) بن رباح، فلم يزل يدخل الرجل فيعطيه خمسة، وآخر يعطيه ثمانية، وآخر يعطيه عشرة، فواحد يقول له: «تزوج منها، وعش بالباقي»، وآخر يقول له: «وسّع (٦٦) بها على عيالك وصبيانك»، وآخر يقول له: «استر بها وجهك»، فلم يقوما (٦٧) حتى نفدت المائة.

وكان «بالسدرة» (٦٨) بالقيروان رجل صالح يقال له أبو سليمان الأعمى، وكان من أهل الدين والفضل، وكان ربما أدلج إليه صقلاب بن زياد الهمذاني (٦٩) ودنيج (٧٠) وأبو


(٦٢) الخبر في الطبقات ص ٥٧ والمدارك ٩١: ٣.
(٦٣) في الأصل: غرفة. والمثبت من (م) والمصادر.
(٦٤) الخبر في المدارك ٩٤: ٣ والمعالم ٢٧١: ١ - ٢٧٢.
(٦٥) في الأصل: مغيث. والمثبت من المصادر. وترجم أبو العرب لمعتب بن رباح وأشار إلى صحبته للبهلول (الطبقات ص ١٢٢).
(٦٦) في الأصل: عد بها. وفي المدارك: أنفقها. وأخذنا برواية المعالم.
(٦٧) في الأصل: يقوم. والمثبت من المعالم.
(٦٨) يسميها أبو العرب (الطبقات ص ١٢٠): حارة السدرة. وهي من أحياء مدينة القيروان.
(٦٩) سيترجم له المؤلف تحت رقم ٨٨.
(٧٠) كذا في الأصل بالدال في أوله. وترجم له أبو العرب (الطبقات ص ٩٠) ورسم حرفه الأول زايا وأشار إلى صحبته للبهلول.