للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فلم يزل يقول: «زيدوه» وعبد الخالق يكلّمه بالكلام الأول حتى بلغ معه خمسمائة دينار (٤١)، فقال له إبراهيم بن الأغلب: «أفسدكم البربري (٤٢) -يعني البهلول-والله لو أدركته لجعلته يرقص خلفي».قال عبد الخالق: «فأحسست شعري قد خرج من عمامتي. ثم أقبلت عليه فقلت له: والله لو أدركته، لكنت أهون عليه من هذا الطين الذي يعجن بين يديك (٤٣)، ثم انصرفت».

قال عبد الله (٤٤): ورأيت له هذه الموعظة (٤٥) كتب بها إلى أخ من إخوانه فاستحسنتها وهي:

«أما بعد، فإني أوصيك ونفسي بتقوى الله عزّ وجل وذكر الموت، فإنه لم ينج من نجا من الأولين والآخرين إلا بالتقوى، فأعدها جنّة لك في الدنيا والآخرة، وآثرها على هواك، ولا تقصر في شيء منها، ولا حول ولا قوة إلا بالله العليّ العظيم.

أسأل الله يا أخي أن يجعلنا وإياك من المتقين الصادقين الذين لا يلتمسون إلا رضاه وثوابه؛ وطوبى للصادقين في هذا الزمان، ما أعظم ثوابهم وأشد حالهم وأطول غمهم! لما يعلمون ويرون من أنفسهم خلاف الحق وما تدعوهم إليه أنفسهم من حب الدنيا وحب رضى الناس عنهم. فهم ماضون أنفسهم على ذلك يريدون أن يخلصوا (٤٦) أعمالهم ولا يريدون رضى أحد من الناس. فمن هنالك حزن القوم واغتموا وهانت عليهم الدنيا وطلبوا الإخلاص رجاء أن يخلصوا من أهوال يوم القيامة ومن غم الموت وهوله، فشغلهم ذلك عن الدنيا وكسر قلوبهم، فأنفسهم منه في عناء، والناس في راحة. أسأل الله العظيم أن يجعل راحتنا بعد


(٤١) تكررت هنا عبارة: «وعبد الخالق يكلمه بالكلام الأول حتى بلغ خمسمائة دينار» وقد رأينا الاستغناء عنها اتباعا لنصّ الطبقات والمعالم.
(٤٢) في الأصل: التبريزي. والمثبت من الطبقات والمعالم.
(٤٣) تضيف رواية الطبقات هنا: «وكان بين يدي ابراهيم طين يعجن لمرمّة».
(٤٤) هو المؤلف: عبد الله بن محمد المالكي.
(٤٥) انفرد بها الرياض. وكتب الناسخ مقابل هذا السطر بالهامش: موعظة ثم كتب تحتها: «ومن هنا زيادة في بعض النسخ. مما يفهم منه ان هذا النصّ لم يرد في جميع نسخ الرياض.
(٤٦) في الأصل: يخلصون.