للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد تعرضت لسخطه، وقد علمت أنه يسخط‍ على أهل معصيته ولم تعلم أنه رضي وأنت تأوي إلى النساء [] (٦٨) الليل [] (٦٩) /لو كنت عصيت بعض الآدميين أو كان السلطان يطلبك بذنب لما هنأك عيش ولا أتيت النساء، ولخرجت هاربا في البلاد مخافة سخطه وعقابه وسجنه، فأي عذاب هو أشد من النار؟ وأي ملك هو أقوى من الله عزّ وجل نقمة؟ لم يخف سر سقر، لا تبقى ولا تذر، المطلعة على الأفئدة المنضجة للخلق، التي لا يفك أسيرها ولا يطاق حر سعيرها، ولا يداوى جريحها، ولا يرحم فيها باك، ولا يجاب فيها داع. لا أكثر عليك الكلام، تريد أن تدرك شرف الصالحين وتسبقهم؟ ارفض الدنيا وانبذها وراءك، وإن استطعت أن لا تكون لك فيها دار ولا محل قرار فافعل، وليكن لباسك فيها الخلق الخشن من الثياب والعبا، ولتكن صائما دهرك الطويل، ولتأكل عند فطرك الشعير ولتشرب الماء القراح، يكن طعامك أطيب مما تأكل الملوك وشرابك أطيب من شرابهم. وأطل القيام في الليل وتوسد الأرض، يكن فراشك غدا الحرير عند الملك القدير. واعلم أن الرّي غدا في ظمائها (٧٠)، والشبع غدا لمن جاع، والحلل غدا لمن عرى اليوم، والفرح غدا لمن طال حزنه اليوم.

يا أخي، ما رأيت الطبيب كيف يصف الدواء ويخبر صاحبه أنه لا ينفع حتى يحتمي ويترك ما نهاه عنه؟ واعلم يا أخي أنك لا تنتفع بشيء وإن كثرت صلاتك وصدقتك حتى تترك ما يسخط‍ ربك عليك فيه. اذكر كثرة نعمه عليك وإحسانه إليك: من أنعم عليك بالإسلام؟ من كان يغذيك وأنت جنين في بطن أمك؟ أما تستحي من الله علام الغيوب؟ اذكر نزول ملك الموت بك، المرمل زوجتك، المفرّق مالك الذي سعيت في طلبه وجمعته من حله وحرامه فصار لمن لا يحمدك، وتقف بين يدي من لا يعذرك مرتهنا بعملك. اذكر قول ملك الموت: «اخرجي أيتها النفس الخبيثة، أخرجي إلى سخط‍ الله وشدة نقمته، أبشري بخلود [في] (٧١) النار


(٦٨) كلمة أصابها تأريض سوس بالأصل.
(٦٩) مقدار ثلاث كلمات أصابها تأريض سوس بالأصل.
(٧٠) جمع ظامئ، أي بين عطّاشها. ولا داعي للتصحيح والزيادة التي أدخلها الناشر السابق على النصّ.
(٧١) زيادة يقتضيها السياق. وهي من عند الناشر السابق.