للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

حتى أقيمت الصلاة فصلّى. ثم جلس في مصلاّه، والطلبة حوله وأنا معهم، حتى ركع الضحى شبيه (١٦) باثنتي عشرة ركعة، ثم تحول فحدث إلى نصف النهار أو قريب من ذلك. ثم رقد في مكانه فقام وقت الظهر فدخل الميضأة، وهي قريبة من المسجد، فتوضأ للصلاة، ثم دخل المسجد فصلى الظهر، ثم قرن (١٧) كعبيه إلى العصر. فكان هكذا الشهر كله، حتى انقضى وأنا معه في المسجد.

قال (١٨): ثم رحلت إلى الفضيل فقلت: ما أظن أني أرى أحدا أخشع من وكيع، حتى قدمت مكة فطلبت الفضيل فلم أقدر عليه. فبينا أنا ذات عشية في بعض أزقة مكة فإذا أنا برجلين يقول أحدهما لصاحبه: «وعدنا الشيخ يحدثنا»، فقلت لهما:

«من الشيخ؟ » فقالا: «الفضيل».فاغتديت إلى المسجد الحرام، فصلّى بنا هارون الخليفة صلاة الصبح، فقرأ بنا سورة الرحمن وسورة الواقعة في الركعة [الثانية] (١٩)، فتمنّيت ألاّ يسكت من حسن قراءته، فقمت لأبادر (٢٠)، فجذبني رجل إلى جانبي وقال لي: «تقوم بعد صلاة الصبح مسرعا! » فاعتذرت له بطلبي للفضيل لأسمع منه، فقال: «أتحب أن تراه؟ » قلت: «نعم».فأشار إلى ناحية من المسجد وقال لي: «هناك هو»، فقمت إليه فسمعته يقول: «مسكين هارون! قرأ سورة الرحمن وسورة الواقعة ولا يدري ما فيهما»، ثم قام إلى منزله فدخل وأغلق الباب. وأتى الطلبة من كل مكان، فإذا شيخ آدم، فقال له [الناس] (٢١): اجلس يا أبا عبد الله اقرأ، لعل الشيخ يسمع قراءتك [فيخرج] (٢١). فسألت رجلا إلى جانبي: «من هذا؟ » فقال [لي: هذا] (٢١) صالح (٢٢) المري؛ فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم. فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ: فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً، وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا. وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ، وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ


(١٦) في الأصل بدون إعجام. وقرأها ناشر الطبعة السابقة: سنته. وأخذنا بروآية (م).
(١٧) في الأصل: اقرن. والمثبت من (م) والمعالم. وينظر: ملحق القواميس ٣٤٦: ٢.
(١٨) النصّ في المعالم ٥٣: ٢ - ٥٦.
(١٩) زيادة من (م) والمعالم.
(٢٠) في (م) والمعالم: فقمت أبادر.
(٢١) زيادة من (م) والمعالم.
(٢٢) صالح بن بشير المري، مولاهم، البصري روى عن اعلام البصريين. غلب عليه الخير والصلاح. اللباب ٢٠١: ٣.