للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وذكر (٥١) أنه كان يصحب محمد بن سحنون ويطلب عليه الفقه وعلم الكلام والحلال فتى يعرف بأبي الفضل بن حميد (٥٢) -أخو عليّ بن حميد الوزير-ولم يكن في علم الجدل بالماهر، فخرج إلى الحج فمر بمصر، فدخل حماما بها فإذا عليه رجل يهودي، فلما خرج من الحمام أقبل (٥٣) يناظر اليهودي على مذهبهم [فغلبه اليهودي] (٥٤)، فرجع إلى القيروان بعد ما حج وفي قلبه حسرة، إذ لم يكن عنده من المناظرة ما يدحض به حجة اليهودي. فلما رجع دخل على محمد بن سحنون فهابه أن يذكر الحكاية. فقضى الله تعالى أن خرج محمد بن سحنون على إثر ذلك إلى الحج فصحبه ذلك الرجل إلى مصر، فقال له: «امض بنا رحمك الله إلى الحمام»، فأجابه ابن سحنون إلى ذلك، فمضى به إلى الحمام الذي عليه ذلك اليهودي، فلما خرج ابن سحنون سبقه ذلك الرجل بالخروج، فأنشب المناظرة مع اليهودي، فلما خرج ابن سحنون وجدهما يتناظران، وقد استعلى اليهودي على الرجل بكثرة الحجاج والمناظرة بالباطل لضعف (٥٥) الرجل وقلة معرفته بالمناظرة، فدخل معهما محمد فيما هما فيه، ورجعت المناظرة بين اليهودي ومحمد بن سحنون حتى حضرت (٥٦) صلاة الظهر، فأقام محمد الصلاة وصلّى، وعاد إلى المناظرة حتى حضرت (٥٦) صلاة العصر فأقام محمد الصلاة وصلّى العصر، ثم عاد إلى المناظرة فلم يزل إلى صلاة المغرب وقد اجتمع الناس إليهما من كل موضع. وشاع ذلك بمصر وقال الناس بعضهم لبعض: امضوا نسمع المناظرة بين الفقيه المغربي وبين اليهودي. فلما كان عند صلاة المغرب انحصر اليهودي وانقطع (٥٧) عن الحجة وظهر عليه ابن سحنون بالدلائل الواضحة والحجة البالغة.


(٥١) الخبر في المدارك ٢١٥: ٤ والمعالم ١٢٥: ٢.
(٥٢) هو أبو الفضل أحمد بن علي بن حميد. كان عالما محدثا جمّاعا للكتب سيترجم له المالكي تحت رقم ١٥٦.
(٥٣) عبارة الأصل: فأقبل، فخرج من الحمام فأقبل ... ولعل الصواب ما أثبتنا.
(٥٤) زيادة من المدارك. ورواية المعالم: فوجدوه قويا.
(٥٥) في الأصل: الضعف.
(٥٦) في الأصل: حضر.
(٥٧) عبارة المدارك: فلما حانت صلاة الفجر انقطع اليهودي. وقريب منها عبارة المعالم.