كتاب رياض النفوس في طبقات علماء القيروان وإفريقية

ذكر الطبقة الخامسة من علماء القيروان وعبادها وما يتصل بها من بعض مدنها ومراسيها - ١٥٥ - ومنهم أبو العباس عبد الله بن أحمد بن طالب (¬*). - ج: 1 - ص: 477

و «خنزير»، وعلى أبواب دورهم ألواحا (٢٨) مسمرة في الأبواب مصورا فيها قردة (٢٩).

وضيق على أهل القيروان في ملاهيهم وملاعبهم.

وكان (٣٠) إذا أشكل عليه أمر وقف عن تنفيذه، ويقول: «لئن يسألني الله عزّ وجل: لم وقفت؟ أيسر عليّ من أن يسألني: لم جسرت؟ ».

وكان يقول في آخر مجلسه الذي يقضي فيه بين الناس: «اللهم ما كان في هذا المجلس من زيغ أو زلل أو إقبال على خصم دون الآخر أو استيفاء حجة [من] (٣١) خصم [دون] (٣١) صاحبه، فأسألك أن تغفره لي، وأن تراجع بي [إلى] (٣١) الحق».

وكان (٣٢) يكتب على أحكامه: «حكمت لك بقول ابن القاسم»، «حكمت لك بقول أشهب» (٣٣)، ثم يقول له: «في البلد فقهاء وعلماء، اذهب إليهم، فما أنكروه عليك فارجع إليّ».

وفي حكاية أخرى، أنه (٣٤) كان إذا فرغ وقام من مجلس حكمه وقف وحول وجهه إلى القبلة، ثم بسط‍ كفيه وسالت الدموع على خديه ولحيته ويقول: «اللهم إن كانت زلة أو هفوة، أو أصغيت بأذني إلى خصم دون خصم (٣٥)، فأسألك أن تغفر لي ولا تؤاخذني ولا تنتقم مني، إنك على كل شيء قدير».ثم يصلّي على محمد صلّى الله عليه وسلم، ثم ينصرف. هكذا كان عمله في كل مجلس يجلس فيه للقضاء.

وقال إبراهيم بن الكوفي: دخلت مع الأمير إلى جنان (٣٦) فيه ثمر (٣٧) قد طاب، فأخذ بعض الثمر (٣٧) يناولنيه، فقبلته ثم أكلت ولم أقل له شيئا. فقال لي: «دخلت

---

(٢٨) في الأصل: ألواح. والمثبت من المدارك.
(٢٩) في الأصل: مصوّر. وعبارة المدارك: فيها صورة قرد.
(٣٠) النصّ في المدارك ٣٢٣: ٤.
(٣١) زيادة من (م).
(٣٢) في الأصل: ثم. والمثبت من المدارك ٣٢٣: ٤.
(٣٣) جاءت هذه العبارة في الأصل: حكمت لك بقول أشهب بتنفيذ رجال أشهب» ثم ضبب الناسخ على اسم «أشهب» الأخير فرأينا الاستغناء عنها خاصة أن رواية المدارك قد خلت منها.
(٣٤) النصّ في المدارك ٣٢٣: ٤.
(٣٥) تضيف رواية المدارك هنا: «أو مالت نفسي أو قلبي إلى خصم دون خصم».
(٣٦) في الأصل: مع الأسير إلى جان. مع خلو لفظ‍ «الأسير» من الاعجام.
(٣٧) كذا في الأصل: حرفه الأول تاء مثناة فوقية. وجاء في (م) بمثلثة وبصيغة التأنيث أينما تردد هذا اللفظ‍.